পুরানো বিশ্বের খাবার
الطعام في العالم القديم
জনগুলি
في المدن القديمة منذ العصور الأولى، كانت السوق، أو «أغورا» باليونانية و«فوروم» باللاتينية، مركزا للتجمعات السياسية، وأيضا لتبادل السلع - بما فيها الأطعمة - أو شرائها. وكانت السوق في أثينا في القرنين الخامس والرابع قبل الميلاد يباع فيها الكثير من الأطعمة المختلفة، مثلما في الأسواق والمعارض المنتشرة في أنحاء البلدان الإغريقية والرومانية (فراين 1993، طومبسون وويتشيرلي 1972، ويلكنز 2000). وكانت قدرة أي مدينة على جذب الكثير من السلع علامة على الرخاء والنماء، وهي الظاهرة التي أشار إليها كل من ثوسيديديس وزينوفون على وجه التحديد عن أثينا، وأشار إليها إيليوس أريستيديس عن روما، مع أن مؤلفين آخرين كانوا يستنكرون النشاط التجاري (كما نناقش في الفصل السابع). وكانت هناك أسواق متخصصة في اللحوم، وأسواق للأسماك، وأسواق لفئات المنتجات الأخرى.
كانت هناك في المناطق العامة أيضا مبان مدنية مخصصة لتناول الطعام، سواء أكانت لتناول الطعام يوميا لموظفي الدولة، مثل مباني ثولوس وثيسموثيتيون وغيرهما من الدوائر الحكومية الكثيرة في أثينا، أم كانت مباني مخصصة للمآدب التشريفية. وفي المدن الإغريقية كان ذلك النوع من المباني يسمى البريتانيون، وكانت تحتوي على المضيفة المقدسة للمدينة، وكانت من بعض النواحي تمثل هوية المدينة (ميلر 1978). وكانت المآدب التشريفية في البريتانيون في أثينا - على سبيل المثال - مخصصة للمنحدرين من سلالة قاتلي الطغاة وللفائزين في الألعاب الأوليمبية وغيرهم من المواطنين المتميزين بالإضافة إلى الضيوف الأجانب. ويخبرنا أثينايوس أنه في مدينته نقراطيس في مصر - حسبما يروي هيرمياس في الجزء الثاني من كتابه «عن أبولو الغريني» - كانت تطبق ضوابط خاصة تنظم تناول الطعام. وكانت المأدبة المقامة في البريتانيون في يوم عيد هيستيا وفي عيد ديونيسيا - بعد الصلوات وطقوس إراقة الخمر - تقدم للمدعوين المتكئين على أرائك، وكانت تتألف من نبيذ ونوعين من الخبز ولحم الخنزير، ونوع من الخضراوات وبيض وجبن وتين مجفف وكعكة مسطحة وإكليل من الزهور. وكانت تفرض غرامات في حالة تجاوز حجم المأدبة لهذا الحد، ولم يكن يسمح بدخول الأطعمة الزائدة، وكانت بقايا الطعام مخصصة لإطعام العبيد المملوكين للحاضرين في المأدبة. وفي الأيام الأخرى، كان يسمح بتناول الأسماك في البريتانيون. ولم يكن يسمح للنساء بالدخول، فيما عدا عازفة المزمار.
شكل 2-3: لم يكن لدى معظم الإغريق والرومان مطابخ مخصصة لهذا الغرض؛ فإذا طهوا في المنزل، كانوا يستعملون مواقد وقدورا صغيرة متنقلة - كتلك الموجودة في أسواق أثينا - وكان يمكن إخراجها خارج المنازل قدر المستطاع. ولا يدل صغر حجم الأواني وعدم وجود الغاز والكهرباء بالضرورة على أن مستوى الطهي كان أقل تطورا من الطهي في المطبخ الحديث. (حصلنا على نسخة من الصورة بإذن من الكلية الأمريكية للدراسات الكلاسيكية القديمة: حفريات السوق الإغريقية.)
كان يقام الكثير من المآدب في العصور القديمة في المكان الخاص في المنزل، سواء أكان قصرا ملكيا أم مسكنا متواضعا، وكان بعض المنازل به مساحة كافية لتخصيص مكان لتناول الطعام، ولكن المنازل الأخرى - وهي الغالبية العظمى - لم تكن بها تلك المساحة. ومن الجائز أن المنازل الكبيرة التي يخدم فيها عدد كبير من العبيد كانت مزودة بمطابخ، وكان الأرستقراطيون الرومان - بدءا من الإمبراطور إلى من هم دون ذلك - لديهم مطابخ كبيرة، أما الكثير من المنازل الأصغر فلم يكن به مطابخ (إيليس 2000: 27-28 و158-159). فمثلا، من الجائز أن الأفران الإغريقية والرومانية كانت مدمجة في المطبخ، ولكنها غالبا ما كانت عبارة عن فرن قابل للنقل يمكن نصبه بالخارج إذا كانت حالة الطقس تسمح بذلك (سباركس 1962، ليفرسيدج في كتابه «الزهرة وشجرة الورد» 1958: 29-38). وحتى إذا كانت الأسر غنية إلى حد يتيح لها استئجار طهاة، فغالبا ما كان يتوقع أن يجلب الطاهي معه عبيده وأوانيه. ويبدو أن ثمة قدرا كبيرا من التفاوت في هذا الصدد؛ ففي مسرحية «ديسكولوس» من تأليف ميناندر - على سبيل المثال - يأتي الطاهي بالأثاث ولكنه يضطر لاستعارة قدور الطهي. وكان لا بد من اتخاذ ترتيبات خاصة لاستقبال الضيوف ممن ليسوا من الأقارب، خصوصا في مدن مثل أثينا القديمة حيث كان يطبق عزل النساء عن الرجال. وكان يتحقق ذلك العزل بعدة طرق؛ فإذا كان المنزل كبيرا، كان من الجائز تخصيص غرفة خاصة أو «أندرون»، وكان من الممكن أيضا إقامة المآدب في الهواء الطلق (راجع أدناه)؛ ففي مسرحية «ديسكولوس» لميناندر، يطبق العزل بين الجنسين في الهواء الطلق. وكان الناس يتناولون الطعام أيضا في الأماكن العامة، وفي المباني الحكومية، وفي حرم الأماكن الدينية، وكانت الأعياد الدينية على الأرجح هي محور هذا النوع من مناسبات تناول الطعام. وكان من الممكن أيضا الاحتفال بالمناسبات العامة في المنزل، ومن أمثلة ذلك - فيما يبدو - عيد ديونيسيا الريفي في أتيكا؛ حيث كان الجمهور يحتفل بالعيد، ولكن كانت كل أسرة تستخدم منزلها للاحتفال به (باركر 1987). وكان يقدم الكثير من المآدب المختلفة؛ فالنقوش التي عثر عليها في آسيا الصغرى وروما ودرسها شميت بانتل 1992 ودوناهو 2005، تسجل وجود مجموعة متنوعة من المآدب ووسائل الترفيه كان يقدمها السياسيون وفاعلو الخير، ومن بينها جلسات احتساء النبيذ الحلو التي تتخللها عروض ترفيهية خفيفة، أو الولائم الدينية، أو التجمعات السياسية الحاشدة. وكان هذا النوع من الولائم العامة من أهم صور الرعاية وإعادة توزيع الطعام. وكان من أرفع أمثلة التنوع أيضا الإمبراطور الروماني؛ يصف سيوتونيوس عادات تناول الطعام لدى الإمبراطور أغسطس في المآدب الخاصة («الإمبراطور أغسطس» 70)، وفي المآدب ذات المناسبات السياسية (74)، وفي الأعياد مثل عيد ساتورناليا، وأخيرا عند تناول الطعام بصفة غير رسمية حين كان بمفرده. وفي الحالة الأخيرة، كان يتناول وجبة خفيفة وهو يسير، وهو أقرب شبها بالطريقة الحديثة (راجع نهاية الفصل التاسع). وكان معظم الأحرار في العصر القديم يتناولون طعامهم أحيانا في بعض المناسبات بطريقة رسمية أكثر من مناسبات أخرى، ربما مرة أو مرتين في العام، وربما يوميا إذا كانوا أغنياء وذوي نفوذ.
شكل 2-4: في أثينا القديمة، كان الكثير من المنازل صغير المساحة فيما يبدو. وفي القرون اللاحقة، أخذ المواطنون الأغنياء في أنحاء الإمبراطورية الرومانية يبنون منازل كبيرة - سواء أكانت منازل حضرية أم ريفية كبيرة - كانت تضم مرافق لتناول الطعام في الداخل والخارج. وكثيرا ما كانت تدعو الضرورة - كما هي الحال هنا في منزل فيتي في بومبي - لوجود أكثر من غرفة طعام واحدة فيما يبدو (غ = غرفة الطعام، وم = المطبخ).
كانت هناك أيضا متاجر ومقاصف تقدم الأطعمة والمشروبات وتبيعها للزبائن، إما ليتناولوها في مكان بيعها وإما ليأخذوها معهم إلى منازلهم. وكان الأغنياء غالبا ما ينظرون إلى هذه المقاصف التي كان يطلق عليها «كابيليا» أو «بوبناي» أو «تابريناي» بنظرة شك بالغة. وينتقد ثيوبومبوس المقاصف الغوغائية في بيزنطة؛ ويستهزئ جوفينال بالمقاصف في روما. وفي غير ذلك من الأماكن، كثيرا ما ترتبط المقاصف ذهنيا بالدعارة. يذكر جالينوس أن الدعارة كانت تقدم في حانات معينة («عن قوى الأطعمة» 1، 3). من ناحية أخرى، يصف فارو في كتابه «عن الزراعة» حانة على جانب الطريق بأنها خيار تجاري مستحسن يلجأ إليه المزارع إذا كان الحقل يقع بجوار طريق مزدحم. وربما كان يبدو الكثير من هذه الفروق مختلفا من وجهة نظر المواطنين من غير أبناء الطبقات الراقية. وتوجد أدلة كثيرة على وجود مقاصف وحانات في مدينتي بومبي وهركولانيوم (لورانس 1994)؛ فهي موجودة عند الكثير من مفارق الشوارع، ويبدو أنها كانت مهمة في توفير الطعام والشراب (الساخن أو البارد في كلتا الحالتين)، وفي توفير أنماط مرنة من تناول الطعام، سواء أكان في الأماكن المغلقة أم في الخارج. كان المسافرون والمواطنون أيضا بحاجة إلى الطعام، وأحيانا إلى المبيت في الحانات الكبيرة، ولا بد أن نتخيل وجود مجموعة متنوعة من الخيارات تتراوح بين الحانة الكبيرة والكشك الصغير المخصص لبيع المأكولات والمشروبات لتناولها في المنزل (راجع أيضا كليبرج 1957).
بالإضافة إلى الأماكن المبنية، كانت الأماكن المفتوحة أيضا تقدم فرصا عدة لتناول الطعام في الهواء الطلق. ويأتي وصف لأمثلة بارزة في الكثير من النصوص المختلفة؛ فقد كانت الخيام تنصب في عيد ثيسموفوريا لتوفير مكان مسقوف لإقامة احتفال بديميتر وبيرسيفوني يقتصر على النساء فقط. تتحدث شخصيات في مسرحية كوميدية من تأليف أريستوفان - وهي «المحتفلات بعيد ثيسموفوريا» - عن كونهن رفيقات الخيمة، فهن يسكن ويأكلن معا بدلا من السكن والأكل في بيوتهن مع أسرهن (راجع أيضا الفصل الثالث). وتنصب خيام أقمشتها ذات تصميمات بديعة لإقامة وليمة جماعية مميزة في مدينة دلفي في مسرحية «أيون» من تأليف يوربيديس (راجع شميت بانتل، 1992). كان الملوك الفرس يسافرون في أنحاء إمبراطوريتهم ويقيمون في مدن من الخيام، وكانت تقام للإسكندر الأكبر قاعات طعام واسعة من الخيام إبان غزوه للشرق. ويبدو أن استخدام الإغريق والرومان للخيام يرتبط بهذه النماذج، وهي نماذج نشأت بفعل أساليب الحياة البدوية الأصلية في ممالك الشرق الأدنى، وبسبب متطلبات الحملات العسكرية.
وكان الرومان مولعين أيضا بتناول الطعام في الحديقة، وتوجد أمثلة على ذلك بين المواطنين الأغنياء في بومبي، كما كان يحظى الأباطرة بخيارات عدة لتناول الطعام في الهواء الطلق. وذلك فضلا عن زينة الغرف من الداخل؛ إذ كانت جدرانها تحمل رسوما تحاكي عالم الطبيعة، وكان من بينها لوحات جصية تصور المناظر الطبيعية والمشاهد البحرية والجماد. يصف كلاريدج (1998: 290-292) القصر الذهبي البديع الذي كان يسكنه نيرون، وتصور لوحة فسيفساء في مدينة باليسترينا مأدبة مقامة في الهواء الطلق في دلتا النيل. (5-1) الأثاث
في كل العصور، نجد أن قطع الأثاث وأدوات المائدة وغيرها من الأدوات المرتبطة بتناول الطعام تحظى بأهمية كبرى. لاحظ المؤلفون من عصور أحدث أن أبطال ملاحم هوميروس كانوا يجلسون على مقاعد عند تناول الطعام، ولم يأكلوا وهم متكئون، وكانت الأرائك التي يتكئ عليها من يأكلون قد دخلت إلى البلدان الإغريقية في العصر الموغل في القدم فيما يبدو، وتظهر بالتأكيد في الرسوم التي تزين المزهريات الكورنثية من القرن السادس إلى ما بعد ذلك (موراي 1990).
تطرح عادة تناول الطعام أثناء الاضطجاع على الأرائك موضوعات على درجة كبيرة من الأهمية في دراستنا عن عادات تناول الطعام القديمة؛ فهذه العادة من العادات (المذكورة في الفصل الأول) التي انتقلت شرقا عبر البحر المتوسط. وقد اكتسب الآشوريون والفرس وغيرهم من الشعوب الشرقية عادة الاتكاء عند تناول الطعام كجزء من عادات تناول الطعام الملكية والأرستقراطية التي ربما تكون قد نبعت من أسلوب حياتهم البدوي. ويظهر الملك الآشوري آشور بانيبال على لوحة نحت بارز شهيرة - موجودة حاليا في المتحف البريطاني - وهو متكئ عند تناول العشاء، ويظهر رأس أحد الأعداء معلقا على شجرة مجاورة. وتؤكد عدة فقرات وردت في العهد القديم الأدلة المستقاة من المؤلفين الإغريق ولوحات النحت البارز الإغريقية التي تثبت أن الفرس كانوا يضطجعون عند تناول الطعام؛ فمثلا في سفر أستير الإصحاح الأول، نقرأ عن الوليمة الفاخرة التي أقامها الملك الفارسي لجماعة من تابعيه، ووضعت خلالها أرائك (أو أسرة) في ساحة كبيرة في الحديقة. وقد تعلم الإغريق هذه العادة إما بطريقة مباشرة من الآشوريين، وإما بطريقة غير مباشرة بالانتشار عبر البلدان التابعة للإمبراطورية الفارسية. وكانت هذه من الطرق المريحة والباهظة لتناول الطعام، وكان الكثير من الطبقات الراقية في بلدان البحر المتوسط يسعى لتقليدها حتى يتباهى بقدرته على الاتصال بالشعوب في المدن الإغريقية أو غيرها من البقاع. وصور بعض النصوص التي سنراها في الفصل السابع - والتي ناقشتها في ويلكنز (2000) - الفرس على أنهم قوم مولعون بالترف ومنعمون إلى أقصى درجة. ولكن الإغريق، والإتروريين والرومان فيما بعد، تأثروا تأثرا شديدا بعادات أقوى إمبراطورية في بلدان البحر المتوسط الموغلة في القدم والكلاسيكية القديمة، وكان من بين العادات الأخرى المأخوذة عن الفرس تصوير المآدب في الأعمال الأدبية والفنية؛ فنادرا ما يظهر الملك الفارسي وهو يأكل؛ إذ كان يظهر بالتأكيد وهو يشرب والطعام في متناوله أحيانا، ولكن نادرا ما يظهر وهو يأكل. وبالمثل، يفضل الكثير من نماذج الأدب والفن الإغريقي الروماني احتساء الخمر على تناول الطعام، وكأن الطعام شيء فظ إلى حد يفسد التصوير الملكي أو الأرستقراطي. إن النماذج المتناقضة التي تصور الفرس بالتزامن مع استيعاب البلدان الإغريقية لهذه المؤثرات حتى أصبحت من عاداتها؛ ليست فقط أفكارا ملتبسة أو ردود فعل متضاربة تجاه بلد مجاور ذي نفوذ، بل تنبع من مكانة تناول الطعام والشراب في الثقافة الإغريقية الرومانية والثقافة الأشمل لبلدان البحر المتوسط. ولا تختلف الأسئلة المتعلقة بملك فارس عن الأفكار الملتبسة المتعلقة بالقصور الهلنستية أو الموجودة في قصور الأباطرة الرومان؛ فهل ينبغي أن يصور الإمبراطور أغسطس كل الثراء والتنوع في الإمبراطورية، أم ينبغي أن تكون الغلبة للعرف والبساطة والتقشف؟ وما زال السؤال يطرح حتى اليوم.
অজানা পৃষ্ঠা