পুরানো বিশ্বের খাবার
الطعام في العالم القديم
জনগুলি
كانت هذه الجماعات المتنوعة تضم أوجه تشابه فيما بينها من حيث النكهات المرجوة والأفكار الثقافية المشتركة المتعلقة بالطعام والنظام الغذائي، وكانت سلوكيات التكبر والغرور تترافق مع طقس تناول الطعام لدى الأغنياء آنذاك كما هي الحال في الوقت الحاضر. ولعل الأفكار المبنية على الجهل والإيمان بالمعتقدات الخرافية، فيما يخص شئون الطعام التي تبدو مثيرة للضحك الآن، تنبئنا على نحو مزعج بأن أفكارنا الحالية عن الطعام ستثير سخرية الأجيال القادمة عند تناول الطعام.
الفصل الأول
لمحة عامة عن الطعام في العصور القديمة
يتألف هذا الفصل التقديمي من أربعة أجزاء. نبدأ بعرض الإطار التاريخي الشامل أولا، ثم نعرض الأدلة واقتراحاتنا لتفسيرها، ثم نلخص العناصر الأساسية للنظام الغذائي. ويتناول القسم الأخير الكيفية التي تغلغل بها الطعام وعادات تناول الطعام في الثقافة الإغريقية الرومانية إلى درجة لافتة. (1) الإطار التاريخي
يتناول هذا الكتاب فترة زمنية طويلة - تمتد تقريبا من عام 750 قبل الميلاد وحتى عام 200 ميلاديا - ويركز على ثقافات اليونان وروما. في تلك الفترة، تحولت اليونان إلى مجموعة كبيرة من المدن ذات الحكم الذاتي التي تحكمها حكومات قائمة على حكم الأقلية وأنشئت المستعمرات في أنحاء البلدان المطلة على البحر المتوسط. وكان للمدن ذات الحكم الذاتي أنماط متنوعة - من بينها بضع ديمقراطيات - وظلت في معظمها مستقلة حتى بزوغ نجم مملكة مقدونيا في القرن الرابع قبل الميلاد. هيمن الإسكندر الأكبر وخلفاؤه آنذاك على البلدان الإغريقية (التي تشمل الآن آسيا الصغرى وسوريا ومصر فضلا عن جنوبي إيطاليا) في سلسلة من السلالات الحاكمة، واستولى الرومان عليها كلها بحلول نهاية القرن الأول قبل الميلاد. وفي الفترة نفسها، كان الرومان عاكفين على تنمية قوتهم بوصفهم أحد الشعوب الإيطالية القديمة، وأخذوا يتقبلون وجود القرطاجيين، ووجود المدن الإغريقية في صقلية وجنوبي إيطاليا، فضلا عن تقبلهم كل المؤثرات التي كان جيرانهم هؤلاء يمارسونها عليهم. وفي عهد أول إمبراطور روماني - وهو أغسطس - صارت للرومان إمبراطورية عالمية كان الكثير من سكانها في الشرق يتحدثون اللغتين اليونانية واللاتينية. وشهد هذان النظامان - الإغريقي والروماني - قدرا كبيرا من التبادل الثقافي فيما بينهما. يعتمد هذا الكتاب على ثلاثة مؤلفين على وجه الخصوص، حاولوا فهم هذا الانصهار الثقافي فيما يخص الطعام؛ وهم بلوتارخ الخيروني (وخصوصا كتابه «سيمبوتيكا» أو «حديث المائدة»)، وأثينايوس النقراطيسي (وكتابه «مأدبة الحكماء» أو «ديبنوسوفيستاي»)، وجالينوس البيرجامومي (وخصوصا بحثه المعنون ب «عن قوى الأطعمة»)، وكان الثلاثة جميعا مؤلفين إغريقيين كتبوا في ظل سلطة روما في القرن الثاني أو في أوائل القرن الثالث الميلادي. وتتسم كتاباتهم عن الطعام وعادات تناول الطعام والطب والدين والتنوع المحلي بأنها متنوعة ومحفزة على التفكير.
لا يقتصر هذا الكتاب على البلدان الأصلية لكل من «الإغريق» و«الرومان»، بل يأخذ في الاعتبار منطقة واسعة تمتد من البحر الأسود وسوريا حتى إسبانيا، ومن سهوب روسيا حتى بحر شمال أفريقيا وصحاريها. سينصب الاهتمام الأساسي للكتاب على السواحل، ولكن الكثيرين في هذه المنطقة لم يكونوا يعيشون بالقرب من البحر؛ إذ كان من بينهم ساكنو مناطق جبلية ومزارعون وكثيرون ممن لم يعتادوا السفر. وكان الرومان فعلا يرون أنفسهم شعبا مكونا من مزارعين بسطاء لم يتعرضوا لمؤثرات من الخارج؛ لذا، يصف أوفيد في قصيدته «الأعياد» - على سبيل المثال - الإلهة كارنا بأنها تكره السفر بحرا، وتكره كذلك الطيور والأسماك المجلوبة من بقاع بعيدة، وتفضل بدلا منها الأكلات الرومانية التقليدية مثل الفول ولحم الخنزير المقدد والقمح الثنائي الحبة (6، 169-186). ولكن من نواح كثيرة، كانت التجارة والسفر من العوامل المهمة في تاريخ عادات تناول الطعام في العصور القديمة، وكانت الأطعمة، وربما الاختراعات التكنولوجية، تميل إلى الاتجاه غربا. فضلا عن ذلك، تأثر الإغريق والرومان بالثقافات الأخرى، وكان من الأمثلة اللافتة على نحو خاص العادة الآشورية المتمثلة في الاتكاء عند تناول الطعام، وهي من العادات التي جلبها الإغريق والإتروريون والرومان بدءا من القرنين السابع والسادس قبل الميلاد إلى ما بعد ذلك. وتأتي مناقشة أكثر تفصيلا حول هذا التطور المهم في الفصل الثاني.
شكل 1-1: كان الأترج - وهو نبات هندي - النبات المندرج ضمن عائلة الحمضيات الذي كان معروفا بالطبع لدى الإغريق والرومان. لهذه الفاكهة الكبيرة الحجم والكثيرة اللب، التي لا تبدو للوهلة الأولى شهية كالليمون، رائحة فواحة. ويقول جالينوس إن الناس كانوا يأكلونها مع الخل وصلصة السمك، وأشار أيضا إلى خواصها الدوائية المعقدة، وكان الناس يعتقدون أيضا أنها ترياق يشفي أنواعا معينة من السموم. راجع دالبي (2003). (حصلنا على نسخة من الصورة بإذن من كبير كهنة كاتدرائية إكستر ورجال الكنيسة العاملين بها.)
كان من العوامل المهمة أيضا تنقل الناس من مكان لآخر، وكان الطعام وغيره من السلع يروج لها تجاريا على نطاق واسع؛ وذلك لسد النقص المحلي وتلبية طلبات الصفوة المحليين من السلع المميزة، وكذلك لأسباب أخرى. وأصبح للسفر علاقة وثيقة بالطعام. ونلاحظ هذا أولا في أعمال هوميروس؛ حيث يسافر أوديسيوس بطل ملحمة «الأوديسا» في أنحاء البلدان المطلة على البحر المتوسط، ويلتقي بأقوام لم يكونوا يأكلون الحبوب والزيتون أو يشربون الخمر الذي يشربه. وفيما بعد، أصبحت الكتابات التي تتناول جلسات الشراب والخمور وغيرها من المنتجات المستوردة من الكثير من الأماكن؛ مدونة ومشهورة. وفي روما، أدى تأثير التوسع إلى رد فعل سياسي وأدبي قوي، اعتبارا من عصر كاتو الأكبر فصاعدا (أواخر القرن الثالث/أوائل القرن الثاني قبل الميلاد). وأعرب كاتو وغيره عن قلقهم حيال تأثير الواردات وجودة الأطعمة والسلع الأجنبية وجاذبيتها، وما لاحظوه من إهمال للتقاليد الرومانية. وسنناقش الظاهرة الأخيرة على وجه التحديد في الفصلين السابع والتاسع. مع ذلك، فإن هذا التقليد الروماني يفيد في إلقاء الضوء على تأثير الأطعمة الأجنبية وأهميتها، وربما تكون مخاوف كاتو في القرن الثاني قد عكست ضغوطا جديدة، ولكن الاهتمام بالواردات الأجنبية - المادية والفكرية، كما يظهر من كتاباته - كان كبيرا وظل هكذا على مدى عقود. (2) الأدلة والتفسير
بوسع علم الآثار أن يسهم إسهاما كبيرا لنتمكن من فهم هذه التطورات. كشف تحليل بقايا النباتات والحيوانات والأسماك كثيرا من المعلومات عن توزيع الحيوانات والنباتات التي كانت تؤكل وأنواعها، ومنحنا فكرة عن التوزيع التجاري للنباتات والحبوب والأسماك وكل أدوات المائدة (رينفرو 1973، لوس 2000). وكشف التحليل أيضا الكثير عن تكنولوجيا الغذاء (كورتيس 2001)، وطرق تحضير وتخزين مجموعة كبيرة من الأطعمة (سباركس 1962، فوربس وفوكسهول 1995). وينطبق الشيء نفسه على أواني الطعام، وخصوصا الفضيات والأواني الخزفية المزدانة بالرسوم (فيكرز وجل 1994)، وعلى التصميم المعماري لغرفة الطعام، بما في ذلك المباني واللوحات المعلقة على الجدران وأنواع الأرضيات. وتتسم جداريات الفسيفساء بصفة خاصة بأنها تحتفظ بحالتها جيدة (دنبابين 1999 و2003).
ويأتي صنف آخر من الأدلة من تحليل العظام البشرية والبقايا العالقة في أواني الطهي وأوعية الطعام (جارنسي 1999). ونجد مثالا لذلك في دراسات أجريت حديثا تتناول الأدلة الواردة من الحضارة المينوية في كريت، وتكشف عن نوعية النظام الغذائي في أواخر الحقبة المينوية الثالثة (القرن الرابع عشر قبل الميلاد) لمجموعة من السكان يزيد عددهم عن 350 شخصا من البالغين والأطفال مدفونين في المقبرة الموجودة في أرمينوي، جنوبي ريثيمنو (تزيداكيس ومارتلو 2002). ولا توجد أدلة على وجود مأكولات بحرية (مع أن الأواني الفخارية المعاصرة تحفل بصور للأحياء البحرية)، ومع ذلك توحي البقايا بوجود «كمية كبيرة من البروتين الحيواني» (سواء أكان من الحليب أم اللحم) والبروتين النباتي. فضلا عن ذلك، اكتشف الباحثون أن الفارق ضئيل بين الأنظمة الغذائية لكل من الأغنياء والفقراء ، كما يظهر في الرواسب الكيميائية الموجودة في العظام؛ ولكن يوجد دليل على أن الرجال كانوا يأكلون قدرا أكبر من البروتين الحيواني مقارنة بالنساء. ومن بين الأمراض المعدية التي اكتشفت التهاب العظام والنخاع، والحمى المالطية (حمى البحر المتوسط؛ تنتقل إلى البشر من حليب الماعز المصابة)، والسل (ينتقل من حليب البقر المصابة)، والأمراض الناتجة عن أسباب غذائية مثل ترقق العظام والأسقربوط والكساح وفقر الدم الناتج عن نقص الحديد. وكشفت عينة أصغر من أنسجة العظام أخذت من دائرة المقابر (أ) في موكناي عما يشير إلى تناول الأطعمة البحرية بقدر ما، وكان الرجال يتناولونها أكثر من النساء. ومع ذلك، لم يدل التحليل الكيميائي للعظام المأخوذة من دائرة المقابر (ب) في موكناي على وجود قدر ضئيل جدا من البروتينات البحرية أو عدم وجودها على الإطلاق. أما فيما يخص المشروبات الكحولية، فيبدو أنهم كانوا يحتسون النبيذ والجعة، وتؤكد هذه النتائج بعض الأدلة التي سبق أن خطرت على ذهن جارنسي (1999)، وهي تتضمن أيضا معلومات معينة في مجالات أخرى. وتيسر على الإغريق - فيما يبدو - احتساء الحليب والجعة، مع أن الكثير من النصوص تربط بين هذه المشروبات وبين الشعوب الأجنبية. سأعود إلى هذا الدليل لاحقا.
অজানা পৃষ্ঠা