1
مبعثرة في شبه القارة الهندية، وكان عدد سكانها لا يقل عن 99 مليون نسمة، وكان بعض الأمراء يمثلون السلطة الحقيقية في إماراتهم، ومثل ذلك نظام حيدر أباد الذي كان يحكم ولاية تكاد تبلغ مساحتها نفس مساحة ألمانيا، وعدد سكانها 17 مليون نسمة، أما الإمارات الصغرى فقد كانت أصغر حجما وأقل سكانا من ذلك، وكان العدد الأكبر من هذه الإمارات هنديا، أما الولايات الإسلامية فلم يكن عددها يزيد على ست إمارات.
وكان الأمراء الذين يتولون الحكم في هذه الولايات «الأميرية» يفخرون بمركزهم الذي يوازي مراكز الملوك، وكانوا يطلبون طاعة وولاء لا حد لهما من رعاياهم، كما كانوا يصرون على أن يلقوا الاحترام الذي يلقاه الملوك كلما سافروا إلى الخارج، وكان الواحد منهم يحمل لقب «مهراجا» إذا كان هندوسيا ولقب «نواب» إذا كان مسلما، وكان الحديث يوجه إليهم مسبوقا بلقب «صاحب العظمة»، أما حاكم حيدر أباد فكان يحمل لقبا خاصا هو «نظام» وكان الحديث يوجه إليه مسبوقا بكلمة «صاحب العظمة السامية».
وكانت العلاقات بين التاج البريطاني وهذه الإمارات قائمة على المعاهدات التي خولت للسلطة العليا في شبه القارة أن تتولى شئون السياسة الخارجية والدفاع في الإمارة على أن تضمن للأمير حقوق وراثة الحكم والاستقلال بالسلطة الداخلية، وهكذا كانت الهند البريطانية (أي قبل 1947) ترتبط مع هذه الولايات الأميرية بنوع من الاتحاد الشخصي، وكان نائب الملك في الهند يعتبر ممثل التاج البريطاني لدى كل أمير في ولايته.
ولا شك أن هؤلاء الأمراء كانوا يفضلون الحياة في ظل هذه العظمة بعزلة عن الأحداث التي كانت تجري في الهند البريطانية، ولكن لم يكن في وسعهم أن يصدوا عن رعاياهم نسيم الحرية الذي كان قد أخذ يغمر شبه القارة حتى اكتسحها اكتساحا، كانت الأحزاب السياسية قد أخذت تتكون في بعض هذه الولايات على غرار حزبي المؤتمر الوطني (الهندي) والرابطة الإسلامية.
وفي عام 1921 أنشأ الأمراء لأنفسهم مجلسا في دلهي، وكان الغرض الأساسي منه هو الاهتمام بدراسة التطورات السياسية في شبه القارة، وما إن بدأ التفكير يدور في منح الهند استقلالها، في ربيع 1946، حتى أثيرت في الحال مسألة السيادة على الولايات «الأميرية» ولمن تكون.
فلما صدر قانون استقلال الهند قضى بمنح هذه الإمارات حريتها الكاملة واستقلالها وبزوال السيادة عنها.
وقد حدث بعد ذلك أن ظهر اللورد مونتباتن، نائب الملك في الهند وقتئذ، أمام مجلس الأمراء، وكان ذلك في يوم 25 يوليو من عام 1947، لكي يشرح للأمراء بصورة واضحة تطبيق قانون الاستقلال فيما يتعلق بهم، وقد أكد مونتباتن للأمراء أنه سيكون لزاما عليهم أن يتنازلوا لحكومتي الهند أو باكستان عن شئون الدفاع والتمثيل الخارجي والمواصلات، وأنه في مقابل ذلك لن تتعرض إحدى الحكومتين - أي الهند وباكستان - للمسائل الداخلية أو المتعلقة بالسلطة في الولاية، ولكل ولاية أن تنضم بعد ذلك لإحدى الدولتين.
وأخذ مونتباتن يحث الأمراء على ضرورة اتخاذ قرار سريع لأن اليوم الحاسم - 15 أغسطس - كان يقترب بسرعة، فإذا حل اليوم المذكور كان عليهم إجراء أي نظام يرونه بوصفهم حكام دول مستقلة.
وكان من المسلم به أن الولايات الهندوسية ستتبع الهند والولايات الإسلامية ستتبع باكستان.
অজানা পৃষ্ঠা