فمصر والهند ترتبطان برباط وثيق من الناحية السياسية الحديثة، فقد ابتليت الهند بالاستعمار البريطاني ونكبت مصر بالاحتلال البريطاني.
واليوم إذ قدر للهند أن تتخلص من الاستعمار البريطاني وسقطت هذه المستعمرة كما تسقط أوراق الخريف، ثم تلا ذلك سقوط مستعمرات التاج في الشرق الأقصى فسيكون من الطبيعي أن تخف وطأة الاحتلال البريطاني لمصر، ذلك الاحتلال الذي لا يسوغه في نظر البريطانيين إلا أنه تأمين للمواصلات الإمبراطورية.
ومن الناحية الأخرى إذا قدر لمصر أن تتخلص من الاحتلال البريطاني، وأصبحت قناة السويس - الشريان الحيوي للإمبراطورية - في يد غير بريطانية؛ فمن المقطوع به أن يتأثر الاستعمار البريطاني لشبه القارة الهندية وقد يزول.
من ذلك يرى الإنسان ضرورة الترابط والتساند بين مصر وشبه القارة الهندية في محاولة التخلص من النفوذ البريطاني.
وقد وجهت للسيد إقبال سؤالا فقلت: إذا كانت نظرية المسلمين تجاه الهندوس هي ما شرحت لي فكيف تعلل وجود مجموعة من خيرة المسلمين في معسكر المؤتمر؟
وهناك قال لي: أنا لا أحاول الدفاع عن موقف هؤلاء، وإنما أحيلك على ما قاله لي رجل من خيرتهم هو السيد سليمان الندوي، وكان السيد سليمان الندوي، رحمه الله، من خيرة المسلمين المساهمين مع حزب المؤتمر، وظل كذلك حتى تم التقسيم، ولكنه بعد ذلك انتقل إلى الباكستان.
يقول السيد سليمان الندوي: إن سيارة بغير «فرامل» لا تساوي شيئا، ووجود المسلمين في حزب المؤتمر أشبه بوجود الفرامل في السيارة، فلو أن المسلمين انصرفوا كافة عن المساهمة مع حزب المؤتمر أو الدخول فيه لسارت سيارة المؤتمر بغير فرامل فيما يختص بالمسلمين ولتوالت النكبات بسرعة عليهم، أما وجود المسلمين في هيئة المؤتمر العليا فقد كان باعثا على الدوام للعفة في التصرفات بإزاء المسلمين.
ثم عقب إقبال على ذلك فقال: هذه هي نظريتهم التي لا أنبري للدفاع عنها، ولكني أيضا لا أنبري لنقدها.
ولما تطرق بنا الحديث إلى السياسة الدولية، كان رحمه الله يتوقع نشوب حرب عالمية بين يوم وآخر. فقال لي في لهجة الواثق: مما لا شك فيه أن الحرب القادمة ستكون آخر حرب تخوضها بريطانيا والهند مجندة إلى جانبها، ستستقل الهند خلال الحرب القادمة مهما كانت الظروف، وسيلعب الشرق الأقصى دورا خطيرا في هذه الحرب.
قد تستقل الهند كأثر لانتصار دول المحور ومن بينها اليابان، وقد تنتزع استقلالها من بريطانيا المنتصرة ثمنا لمساهمتها معها في هذا النصر.
অজানা পৃষ্ঠা