وعندما نشبت الحرب العالمية الأخيرة في عام 1939 رأت الحكومة البريطانية نفسها مضطرة لأن تعدل سياستها بالهند، وقد عمد حزب المؤتمر الهندي إلى إحراج مركز الحكومة البريطانية وذلك بأن طلب إلى وزاراته بالأقاليم المختلفة الاستقالة من الحكم، وقد عد المسلمون هذا العمل نصرا كبيرا واحتفلوا به في كل مكان على أنه يوم من أيام الخلاص، وكانت بريطانيا وقتئذ تقاسي من أهوال الحرب، ولم يكن هناك من يتوقع لها النصر.
وعمد حزب الرابطة في هذه الأثناء إلى تعديل برامجه وأهدافه كذلك، وأخيرا قبلت فكرة إقبال وتقرر في الدورة التاريخية التي عقدها حزب الرابطة بلاهور عام 1940 الموافقة على قرار «الباكستان».
وقد جاء في هذا القرار التاريخي ما يلي:
وفي رأي المؤتمر في دورته الحالية أنه لن يمكن تحقيق أي خطة دستورية في هذه البلاد يقبلها المسلمون، إلا إذا جرت حسب المبادئ الأساسية التالية، بمعنى أن الوحدات الجغرافية المتجاورة يجب أن تخطط وتحدد بعد إدخال بعض التعديلات الإقليمية إن دعت الضرورة لذلك، بحيث تصبح المناطق التي تقطنها غالبية من المسلمين، كما هو الحال في المناطق الشمالية الغربية والشرقية من الهند، ولايات مستقلة تتمتع الوحدات المكونة لها بالاستقلال والسيادة.
ويجب أن يتضمن الدستور كفالة حقوق الأقليات في الوحدات وفي المناطق كفالة تامة فيما يتعلق بحماية دينهم وثقافتهم واقتصادهم وسياستهم وشئون الإدارة بينهم، وكذلك كفالة الحقوق والمصالح الأخرى بالتشاور معهم. وفي المناطق الأخرى من الهند حيث يكون المسلمون أقلية يجب كفالة حقوقهم كفالة تامة فيما يتعلق بالاحتفاظ بدينهم وثقافتهم واقتصادهم وسياستهم وشئون الإدارة بينهم، وكذلك صيانة حقوقهم ومصالحهم الأخرى بالتشاور معهم.
وقد خول المؤتمر السلطة للجنة التنفيذية لوضع مشروع للدستور يتمشى مع هذه المبادئ الأساسية ويستطيع أن يزود الأقاليم المختصة بكل السلطات كالدفاع والشئون الخارجية والمواصلات والجمارك وغيرها مما تدعو الحاجة إليه.
وعلى الرغم من أن إقبال كان قد انتقل إلى الرفيق الأعلى قبل هذا بسنتين، فإن محمد علي جناح كان قد اعتنق فكرته كما اعتنقها معه حزب الرابطة الإسلامية ومن ورائه ما يقرب من مئة مليون مسلم يقطنون شبه القارة الهندية الباكستانية.
وتلا ذلك أعوام من الشدة والقلق إذ اقتربت الحرب من حدود شبه القارة، وكان دخول اليابان الحرب وتأرجح مصير الحلفاء في مختلف الميادين مدعاة لقيام حزب المؤتمر الهندي بحملة جديدة أخرى شنها في وقت كانت بريطانيا نفسها تناضل فيه للإبقاء على ذاتها.
ولما فشلت مهمة سير ستافورد كريبس تشجع زعماء حزب المؤتمر وظنوا أن الحكومة البريطانية لا تستطيع العمل بدونهم. وقامت بعثة برلمانية بزيارة الهند، ودعا نائب الملك وقتئذ، لورد ويفل، إلى اجتماع يعقد في سملا ويشترك فيه زعماء المؤتمر والرابطة الإسلامية. وفي هذا الاجتماع أصر محمد علي جناح على وجوب تحقيق فكرة الباكستان التي أصبحت الهدف الذي يتطلع إليه حزب الرابطة، ورفض أن يشترك في أية مباحثات ما لم تقبل هذه الفكرة أساسا لها، ولما لم يرض المسلمون عن خطة ويفل أعلن فشل المباحثات.
وأعقب قدوم البعثة البرلمانية إلى الهند قدوم بعثة أخرى مكونة من أعضاء من مجلس الوزراء البريطاني، وقد تقدمت بمشروع جديد يتضمن حلا يقوم على تقسيم المناطق، ومع أن حزب الرابطة كان قد قبل هذا الحل في أول الأمر إلا أن المناورات والسياسة التي كان يتبعها زعماء حزب المؤتمر قضت على كل أمل في إمكان قيام وحدة في البلاد. ومن جديد قام حزب الرابطة، ومن ورائه الملايين العديدة من المسلمين، يطالب بقيام الباكستان دولة إسلامية مستقلة ذات سيادة، باعتبار أن هذا هو الحل الوحيد الذي يقبلونه.
অজানা পৃষ্ঠা