তাবসিরাত হুক্কাম

ইবন ফারহুন d. 799 AH
12

তাবসিরাত হুক্কাম

تبصرة الحكام في أصول الأقضية ومناهج الأحكام

প্রকাশক

مكتبة الكليات الأزهرية

সংস্করণের সংখ্যা

الأولى

প্রকাশনার বছর

১৪০৬ AH

প্রকাশনার স্থান

مصر

يَلْزَمُهُ النَّهْيُ عَنْ الضِّدِّ وَتَحْرِيمُهُ، فَالْكَلَامُ فِي الْحَقَائِقِ إنَّمَا يَقَعُ فَبِمَا هُوَ فِي الرُّتْبَةِ الْأُولَى لَا فِيمَا بَعْدَهَا. قَالَ غَيْرُهُ: وَالْحُكْمُ فِي مَادَّتِهِ بِمَعْنَى الْمَنْعِ، وَمِنْهُ حَكَمْتُ السَّفِيهَ إذَا أَخَذْت عَلَى يَدِهِ وَمَنَعْتُهُ مِنْ التَّصَرُّفِ، وَمِنْهُ سُمِّيَ الْحَاكِمُ حَاكِمًا لِمَنْعِهِ الظَّالِمَ مِنْ ظُلْمِهِ، وَمَعْنَى قَوْلِهِمْ حُكْمُ الْحَاكِمِ، أَيْ وَضْعُ الْحَقِّ فِي أَهْلِهِ وَمَنْعُ مَنْ لَيْسَ لَهُ بِأَهْلٍ، وَبِذَلِكَ سُمِّيَتْ الْحَكَمَةُ الَّتِي فِي لِجَامِ الْفَرَسِ؛ لِأَنَّهَا تَرُدُّ الْفَرَسَ عَنْ الْمَعَاطِبِ، وَالْعَرَبُ تَقُولُ: حَكَمَ وَأَحْكَمَ بِمَعْنَى مَنَعَ، وَالْحُكْمُ فِي اللُّغَةِ الْقَضَاءُ أَيْضًا فَحَقِيقَتُهُمَا مُتَقَارِبَةٌ. (وَأَمَّا حُكْمُهُ) فَهُوَ فَرْضُ كِفَايَةٍ، وَلَا خِلَافَ بَيْنَ الْأَئِمَّةِ أَنَّ الْقِيَامَ بِالْقَضَاءِ وَاجِبٌ، وَلَا يَتَعَيَّنُ عَلَى أَحَدٍ إلَّا أَنْ لَا يُوجَدَ مِنْهُ عِوَضٌ، وَقَدْ اجْتَمَعَتْ فِيهِ شَرَائِطُ الْقَضَاءِ فَيُجْبَرُ عَلَيْهِ قَالَ عِيسَى عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ قِيلَ لِمَالِكٍ: هَلْ يُجْبَرُ الرَّجُلُ عَلَى وِلَايَةِ الْقَضَاءِ؟ قَالَ: لَا إلَّا أَنْ لَا يُوجَدَ مِنْهُ عِوَضٌ فَيُجْبَرُ عَلَيْهِ، قِيلَ لَهُ: أَيُجْبَرُ بِالضَّرْبِ وَالْحَبْسِ؟ قَالَ نَعَمْ، وَنَحْوُهُ فِي كِتَابِ ابْنِ شَعْبَانَ. (وَأَمَّا حِكْمَتُهُ) فَرَفْعُ التَّهَارُجِ، وَرَدُّ النَّوَائِبِ، وَقَمْعُ الظَّالِمِ، وَنَصْرُ الْمَظْلُومِ، وَقَطْعُ الْخُصُومَاتِ، وَالْأَمْرُ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْيُ عَنْ الْمُنْكَرِ قَالَهُ ابْنُ رَاشِدٍ وَغَيْرُهُ. [الْبَابُ الثَّانِي فِي فَضْلِ الْقَضَاءِ وَالتَّرْغِيبِ فِي الْقِيَامِ فِيهِ بِالْعَدْلِ] وَبَيَانِ مَحَلِّ التَّحْذِيرِ مِنْهُ وَحُكْمِ السَّعْيِ فِيهِ اعْلَمْ أَنَّ أَكْثَرَ الْمُؤَلِّفِينَ مِنْ أَصْحَابِنَا وَغَيْرِهِمْ بَالَغُوا فِي التَّرْهِيبِ وَالتَّحْذِيرِ مِنْ الدُّخُولِ فِي وِلَايَةِ الْقَضَاءِ، وَشَدَّدُوا فِي كَرَاهِيَةِ السَّعْيِ فِيهَا، وَرَغَّبُوا فِي الْإِعْرَاضِ عَنْهَا وَالنُّفُورِ وَالْهَرَبِ مِنْهَا، حَتَّى تَقَرَّرَ فِي أَذْهَانِ كَثِيرٍ مِنْ الْفُقَهَاءِ وَالصُّلَحَاءِ أَنَّ مَنْ وَلِيَ الْقَضَاءَ فَقَدْ سَهُلَ عَلَيْهِ دِينُهُ وَأَلْقَى بِيَدِهِ إلَى التَّهْلُكَةِ، وَرَغِبَ عَمَّا هُوَ الْأَفْضَلُ، وَسَاءَ اعْتِقَادُهُمْ فِيهِ، وَهَذَا غَلَطٌ فَاحِشٌ يَجِبُ الرُّجُوعُ عَنْهُ وَالتَّوْبَةُ مِنْهُ، وَالْوَاجِبُ تَعْظِيمُ هَذَا الْمَنْصِبِ الشَّرِيفِ وَمَعْرِفَةُ مَكَانَتِهِ مِنْ الدِّينِ، فَبِهِ بُعِثَتْ الرُّسُلُ وَبِالْقِيَامِ بِهِ قَامَتْ السَّمَوَاتُ وَالْأَرْضُ، وَجَعَلَهُ النَّبِيُّ ﷺ مِنْ النِّعَمِ الَّتِي

1 / 12