قال السيد الإمام أبو الحسين أحمد بن الحسين بن هارون الحسني عليه السلام: الحمد لله على فواضل قسمه، وسوابغ نعمه، وصلواته على خيرته، محمد النبي وعترته.
[ التفكير فريضة إسلامية ]
اعلم أن أول ما يلزم المكلف هو النظر المفضي به إلى معرفة الله تبارك وتعالى، والذي يدل على ذلك أنه قد ثبت وجوب معرفة الله تعالى على جميع المكلفين، وثبت أن معرفة الله لا تحصل مع التكليف إلا بالنظر.
فإن قيل: ولم قلتم إن معرفة الله تعالى واجبة على جميع المكلفين؟
قيل له: لأنه قد ثبت أن معرفة الله لطف في فعل الواجبات وترك المقبحات، لأن الإنسان إذا عرف أن له صانعا مدبرا صنعه ودبره، كان أقرب إلى اجتناب القبائح اللوازم، وما كان لطفا في الواجبات وترك المقبحات كان واجبا.
فإن قيل: ولم قلتم إن معرفة الله تعالى لا تحصل ضرورة إلا بالنظر؟
قيل له: لأنه قد ثبت أن معرفة الله تعالى لا تحصل ضرورة، وثبت فساد التقليد فلم يبق إلا أن يكون النظر هو الذي يتوصل به إليها، ونجد أنفسنا في المعرفة بالله على خلاف ما نجدها في المعرفة بالمشاهدات.
فإن قيل: ولم قلتم إن التقليد فاسد؟
قيل له: لأن التقليد لو جاز لم يكن تقليد بعض المقلدين بأولى من تقليد غيره، وهذا يؤدي إلى أن يجوز تقليد من يقول بقدم العالم، كما يجوز تقليد من يقول بحدوثه، وتقليد كل من قال شيئا، كفرا كان ما قال أو إيمانا، وهذا معلوم الفساد، فثبت بذلك صحة ما قلناه.
পৃষ্ঠা ৩০