قيل له: الدليل على ذلك، أنه لو كان معه ثاني لصح بينهما التمانع، وصحة التمانع تقضي عليهما، أو على أحدهما بالعجز والضعف، لأن المتمانعين إذا تمانعا، يمنع كل واحد منهما صاحبه، أو يكون (¬3) أحدهما يمنع صاحبه، فإن منع أحدهما صاحبه، وجب القضاء بالضعف على الممنوع، وإن منع كل واحد منهما صاحبه، وجب القضاء عليهما بالضعف، والإله لا يكون ضعيفا، فثبت أنه واحد لا ثاني معه. وقد نبه الله تعالى على معنى هذا الدليل بقوله: { قل لو كان معه آلهة كما يقولون إذا لابتغوا إلى ذي العرش سبيلا } [الإسراء:42]. وبقوله تعالى: { لو كان فيهما آلهة إلا الله لفسدتا } [الأنبياء:22]. وبقوله: {ما اتخذ الله من ولد وما كان معه من إله إذا لذهب كل إله بما خلق ولعلا بعضهم على بعض سبحان الله عما يصفون } [المؤمنون:91].
[ القرآن ]
فإن قيل: فما قولكم في القرآن؟
قيل له: نزعم أنه كلام الله، ووحيه ومستنزله، وأنه مخلوق، والدليل على ذلك أنه محدث، ولا محدث له إلا الله، وما أحدثه الله تعالى، فيجب أن يكون مخلوقا.
فإن قيل: ولم قلتم إنه محدث؟
قيل له: لأنه سور مفصلة، وله أول وآخر، ونصف وثلث وسبع، وما كان كذلك فيجب أن يكون محدثا، لأن كل ذلك شيء يستحيل على القديم تعالى، وأيضا فإنا قد بينا فيما تقدم من هذا الكتاب أن ما شارك القديم تعالى في كونه قديما فيجب أن يكون مثلا له، وقد بينا أن الإله لا مثل له، فوجب أن لا يكون القرآن قديما، وإن لم يكن قديما فوجب حدوثه، وقد قال الله تعالى وجل ذكره: { ما يأتيهم من ذكر من ربهم محدث إلا استمعوه وهم يلعبون } [الأنبياء:2]. وقال: { وما يأتيهم من ذكر من الرحمن محدث } [الشعراء:5]. والذكر هو القرآن.
ألا ترى إلى قول الله تعالى: { إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون } [الحجر:9] ؟
- - -
পৃষ্ঠা ৫৬