يسْأَلُون رَسُول الله ﷺ عَن الْخَيْر وَكنت أسأله عَن الشَّرّ وَإِنَّمَا كَانَ يَفْعَله لتصح لَهُ مجانبته لِأَن من لم يعرف الشَّرّ يُوشك أَن يَقع فِيهِ كَمَا قَالَ الشَّاعِر
(عرفت الشَّرّ لَا للشر لَكِن لتوقيه ... وَمن لَا يعرف الشَّرّ من النَّاس يَقع فِيهِ)
وَقد أخبر رَسُول الله ﷺ أَنه سَيظْهر فِي زمن الْإِسْلَام من الْفرق الْمُخْتَلفَة مَا ظهر فِي الْأَدْيَان قبله فَقَالَ افْتَرَقت الْيَهُود إِحْدَى وَسبعين فرقة وافترقت النَّصَارَى اثْنَتَيْنِ وَسبعين فرقة وتفترق أمتِي ثَلَاثًا وَسبعين فرقة كلهم فِي النَّار إِلَّا وَاحِدَة فَقيل يَا رَسُول الله من النَّاجِية فَقَالَ مَا أَنا عَلَيْهِ وأصحابي وَفِي خبر آخر أَنه قَالَ الْجَمَاعَة
وروى عبد الله بن عمر بن الْخطاب أَن النَّبِي ﷺ قَالَ فِي تَفْسِير قَوْله تَعَالَى يَوْم تبيض وُجُوه وَتسود وُجُوه فَأَما الَّذين اسودت وُجُوههم أكفرتم بعد إيمَانكُمْ فَذُوقُوا الْعَذَاب بِمَا كُنْتُم تكفرون إِن الَّذين ابْيَضَّتْ وُجُوههم هم الْجَمَاعَة وَالَّذين اسودت وُجُوههم أهل الْأَهْوَاء فَبين رَسُول الله ﷺ أَن هَذِه الْأمة يلبس بهَا وينسب إِلَى جُمْلَتهَا كثير من أهل الْأَهْوَاء يفارقونهم فِي حَقِيقَة الْإِيمَان وَإِن كَانُوا يلتبسون بهم فِي ظَاهر الْحَال فَلَا بُد لِلْمُؤمنِ من أَن يعرف حَالهم حَتَّى يتَمَيَّز عَنْهُم ويصون عقيدته عَمَّا هم عَلَيْهِ من الْبدع وَلَا يكون كمن وَصفه الله حَيْثُ قَالَ ﴿وَمَا يُؤمن أَكْثَرهم بِاللَّه إِلَّا وهم مشركون﴾ وَقد قَالَ رَسُول الله ﷺ لَا يدْخل الْجنَّة من كَانَ فِي قلبه مِثْقَال ذرة من الْكبر وَلَا يبْقى فِي النَّار من كَانَ
1 / 15