তাবিকা ওয়া মা বাকদা তাবিকা
الطبيعة وما بعد الطبيعة: المادة . الحياة . الله
জনগুলি
نضيف إلى ما تقدم أن صدق الحواس من البداهة والبيان بحيث لا يفتقر إلى برهان، ولا يقام عليه برهان. أما أنه لا يفتقر إلى برهان؛ فلأن إنكاره إثباته؛ إذ إننا نرى الأعضاء مركبة تركيبا دقيقا عجيبا متناسبا مع التأثيرات، فندرك أنه كان يكون عبثا لو لم تكن الحواس مرتبة للموضوعات الخارجية بالطبع رامية إليها بالطبع، وليس من المعقول أصلا أن يذهب العبث أو تذهب المصادفة إلى هذا الحد. وأما أن لا يقام عليه برهان؛ فلأن كل برهان إنما يقوم على صدق التجربة، ظاهرة وباطنة، فإذا تشككنا في هاتين التجربتين استحالت علينا كل برهنة.
وأخيرا نتخذ دليلا عليهم من تناقضهم وتهافتهم، فإنهم يعللون الإحساسات إما بفعل النفس أو بفعل الله: ولكن النفس تشعر أنها منفعلة في الإحساس، فليست هي صانعة الإحساس، وإلا كنت تحس ما تريد، وهذا مخالف للواقع. وإذا كانت الإحساسات صادرة عن الله، فالوجدان يدركها كأنها صادرة عن الأشياء ذاتها، وهذا خداع بلا شك، وخداع قاهر يجعلنا نصدق بوجود الأشياء فنسعى إلى بعضها ونهرب من بعض آخر؛ ولقد كان من اللائق بالله أن يوحي إلينا في نفس الوقت أنها صادرة عنه تعالى. ثم نلاحظ أن ديكارت يسلم بوجود العالم بسبب الصدق الإلهي، مع أن وجود الله يستفاد من النظر في العالم، وهذا دور منطقي. والناس يقعون في أخطاء كثيرة والله يسمح باغترارهم، فكيف نثق بصدقه؟ ويعتقد مالبرانش بوجود العالم بناء على شهادة الكتاب المقدس، والكتاب معلوم لنا بالتجربة الحسية. ويذهب باركلي إلى أن الله يلقي في أنفسنا معاني الأجسام، والمذهب التصوري الذي يعتنقه يقول: إننا لا ندرك سوى تصوراتنا، فكيف لم ير أن الاعتقاد بوجود الله مجاوزة للتصور كالاعتقاد بوجود العالم سواء بسواء؟
ومن أمثلة تطبيق المذهب التصوري في علم النفس وفي مسألة الإحساس هذه، نظرية تدعى الطاقة النوعية للأعصاب، ومؤداها أن الكيفيات المحسوسة آتية من الأعضاء أنفسها لا من المؤثرات، وأن الإحساسات ترجع إلى الوحدة من جراء وحدة تركيب العالم من مادة وحركة، أي إن الأعضاء الحاسة يجاوب كل منها دائما على نحو واحد أيا كان المؤثر الخارجي؛ فسواء أقرصت الشبكية أو ضغطت أو تأثرت بموجات ضوئية أو صدمة آلية أو ضربة قوية على العين أو تيار كهربائي، فإن كل سبب من هذه الأسباب يحدث في العصب البصري إحساسا ضوئيا؛ والتيار الكهربائي إذا وقع على العصب السمعي أحدث إحساسا سمعيا، أو على البشرة أحدث إحساسا لمسيا، أو على اللسان أحدث إحساسا ذوقيا؛ واستنتجوا من هذا أن إحساساتنا المختلفة لا يقابلها شيء في الخارج.
نلاحظ أولا أن الأكمه لا يرى ضوءا إذا هيج عصبه البصري، وأن هذا حال كل فاقد حاسة منذ الأصل، فإنه فاقد الإحساسات والصور المقابلة لها والتي تظهر عادة عند التأثير؛ فليست المجاوبة النوعية فطرية في الأعصاب أو المراكز الدماغية، ولكنها مستحدثة بفعل الأعضاء الظاهرة التي هي مخصصة ومنوعة بتركيبها الخاص وبالتأثيرات المتفقة معها، أي بالكيفيات الخارجية؛ وبهذه المجاوبة تفسر المجاوبة النوعية على التأثير المخالف للعضو الحاس، أي بالعادة التي اتخذتها الأعصاب والمراكز الدماغية بالمجاوبة النوعية على التأثيرات المتفقة مع العضو الحاس. وعلى ذلك فحواسنا محتفظة بكل قيمتها؛ وفي الحالات العادية تجاوب وفقا لطبيعتها على تأثيرات متفقة معها.
وأراد بعض العلماء أن يقيسوا النسبة بين التأثير والإحساس، بل أن يقيسوا الإحساس ذاته، إذ لاحظوا أن الإحساس الطبيعي الجلي يتولد عن تأثير معتدل القوة هو حد بين حدين: أحدهما حد أدنى لا يحس لضعف التأثير، والآخر حد أقصى لا يحس كذلك لفرط التأثير؛ وبين الحدين مجال للزيادة التدريجية . أرادوا أن يطبقوا المقاس هنا أسوة بتطبيقه في علوم المادة، غير حاسبين الحساب الكافي لطروء النفس على بدن الحيوان والإنسان، ولاختلاف الحدين باختلاف الحواس والأشخاص وقوة أعضائهم وحالتهم المعنوية، فلم تفلح الجهود التي بذلت في هذا السبيل. من المعروف المعقول أن مصباحين يضيئان أكثر من مصباح واحد، وأن صوتين يدويان أكثر من صوت واحد، وأن الجهد الذي نبذله في رفع أقة أكبر من الإحساس الذي نشعر به عند رفع رطل، وقس على ذلك. ولكن من المشاهد أيضا أن كل زيادة في المؤثر لا تقابلها زيادة في الإحساس؛ فمثلا إذا أضفنا نصف رطل إلى نصف رطل أحسسنا به، ولا نحس بنصف الرطل إذا أضيف إلى قنطار. وإذا ضاعفنا عدد المغنين في قاعة ضاعفنا الصوت ولم نضاعف قوة الإحساس به. فالواقع أن قوة الإحساس لا تتبع في تزايدها تزايد كمية المؤثر، بل إنها أبطأ منها. وما يقال في التزايد يطلق أيضا على التناقص.
اصطنعوا طريقتين: إحداهما سميت الطريقة النفسية الفيزيقية
psycho-physique ؛ لأن الغرض منها قياس المؤثرات من جهة، وملاحظة الإحساسات الناجمة عنها من حيث القوة والضعف من جهة أخرى. والمشهور بهذه الطريقة العالم الألماني فيبر
welber (1795-1878). وقد خرج من تجاربه بهذه النتيجة وهي: أن ما تجب إضافته إلى المؤثر لإحداث فرق في الإحساس هو بنسبة مطرد إلى كمية المؤثر، فكلما كان المؤثر قويا وجب أن تكون الزيادة كبيرة؛ وهذه النسبة هي: 100 / 1 لإحساس الضوء؛ و17 / 1 للإحساس العضلي؛ و3 / 1 لإحساسات الثقل والحرارة والصوت؛ فإذا فرضنا شخصا يحمل ما زنته 170 درهما، فالزيادة التي تجب إضافتها هي 10 دراهم؛ وإذا كان يحمل 1700 درهم أو 17000، كانت الزيادة 100 و1000 على التوالي، من حيث إن النسبية الثابتة هي 17 / 1 - وقد سمي هذا بقانون فيبر.
والطريقة الثانية سميت الطريقة النفسية الفسيولوجية
؛ لأن الغرض منها تعرف ما يقابل الظواهر الوجدانية من تغيرات بدنية حاصلة في التنفس والدورة الدموية والإفراز وحركات العضلات في حالات العمل العقلي والفراغ منه والحزن والسرور والغضب وما إلى ذلك، وتعيين عضو أو مركز عصبي لكل واحدة من الوظائف الوجدانية بملاحظة ما يطرأ على الوظيفة من اضطراب بسبب ما يطرأ على الجزء العصبي من جرح أو بتر في التجارب التي تعرض للإنسان، أو التي تجري على الحيوان، ويمكن تطبيق نتائجها على الإنسان، لما بينهما من تشابه في الحياة الحسية. والمشهور بهذه الطريقة عالم ألماني كذلك هو فخنر
অজানা পৃষ্ঠা