المبرد: قال المازني: فلما دخلت على الواثق، سأل فقال: باسمُك؟ -وهي لغة بلْحارث بن كعب- فقلتُ: بَكْر، يا أمير المؤمنين. فقال: مَن خَلَّفتَ وراءك من العيْلة عند شخوصك؟ قلت: أخيَّة تَحُلُّ مني محلَّ البنت. قال: فما قالت لك عند فِراقك لها؟ فقال: قالت لي ما قالت ابنةُ الأعشى لأبيها:
فيا أَبتا لا ترِمْ عِنْدنا ... فإنا بخيْرٍ إذا لم تَرِمْ
ويا أَبتا لا تَزَلْ عندنا ... فإنا نخاف بأَن تُخْتَرَمْ
أرانا إذ أَضْمَرتْك البلا ... د نُجْفَى ويُقْطَعُ منَّا الرَّحِمْ
فقال الواثق: كأني بك قد قلت لها:
تقول بنتي وقد قَرَّبْتُ مرتَحلًا ... يا ربِّ جنِّبْ أبي الأوصابَ والوَجعا
عليكِ مثلُ الذي صلّيت فاغتمضي ... نومًا فإنَّ لجنب المرء مُضْطجَعا
ثم قال: فما قلت لها عند ذلك؟ قال: قلت ما قال جرير لابنته:
ثِقي بالله ليس له شريكٌ ... ومِنْ عندِ الخليفة بالنَّجاح
فقال الواثقُ: ثق بالنجاح من عند الله ﷿، ومِن عندنا يا بكْر. ثم سألني عن البيت، فأجبتُ بما قالت الجارية. قال: وأمر لي بِصِلة جَزْلة، وأجرى عليَّ كلَّ شهرٍ مئة دينار؛ فكنتُ بحضرته.
قال أبو جعفر أحمد بن محمد: قال المازني: قلتُ لابن قادم -أو لابن سعدان- لمَّا كابرني: كيف تقول: "نفقتك دينارًا أصْلَحُ من درهم"؟ فقال: "دينار" بالرفع. قال: قلت: فكيف تقول: "ضربك زيدًا خيرٌ لك"؟ فنصب زيدًا. فقلت له: فرِّق بينهما. فانقطع. وكان ذلك عند الواثق،
1 / 88