وِسادة الفرَّاء التي كان يجلس عليها.
وقال أبو إسحاق الزّجاج: إذا تأمَّلتَ الأمثلة من كتاب سيبويه؛ تبينت أنه أعلمُ الناس باللغة.
ورُوي أنه لما اعتلّ سيبويه وضَع رأسه في حِجر أخيه، فبكى أخوه لمَّا رآه لمآبه، فقطرتْ من دمعه قطرةٌ على وجْهه، فرفع سيبويه رأسه إليه فرآه يبكي فقال:
أُخَيَّيْن كنَّا فَرَّق الدهر بيننا ... إلى الأَمَدِ الأقصى ومَنْ يأمن الدهرا!
وقال أبو سعيد الطُّوال: رأيتُ على قبر سيبويه هذه الأبيات مكتوبة، وهي لسليمان بن يزيد العَدَويّ:
ذهب الأَحِبَّةُ بعد طول تَزَاورٍ ... ونأَى المزارُ فأَسلموكَ وأَقْشَعوا
تركوك أوْحشَ ما تكونُ بقَفرَةٍ ... لم يُؤنِسوك وكُرْبَةً لم يَدْفعوا
قُضِيَ القضاءُ وصِرْتَ صاحبَ حُفْرةٍ ... عنك الأَحِبَّةُ أَعْرَضوا وتَصدَّعوا
وحدثني أبو عبد الله بن طاهر العسكريُّ قال: سيبويه اسم فارسي، فالسي ثلاثون، وبويه رائحة، فكأنه في المعنى: ثلاثون رائحة. وكان فيما يقال حسنَ الوجه.
وتوفي وهو ابن ثلاث وثلاثين سنة، سنة ثمانين ومئة.
٢٣ - أبو الحسن سعيد بن مَسْعَدة الأخفش
هو سعيد بن مَسْعدة المجاشعيّ، مولى بني مُجاشع، يُكنَى أبا الحسن، أخذ عن سيبويه، ويُعرَف بالأخفش الصغير؛ لأن الأخفش الكبير هو
1 / 72