============================================================
الدنيا، طارحا للتكلف في جميع أموره، سالكا في ذلك سنن السلف الصالح، آمرا بالمعروف، ناهيا عن المنكر، لا تاخذه في ذلك لومة لائم، ينكر على السلطان. فمن دونه، ولي القضاء بمدينة زبيد، فمشى بالناس طريقة الجد والأخذ بالحق، فضاق لذلك أكثر الناس، خصوصا غلمان السلطان، فإنه رت لهم معه وقائع متعددة، ولم يتسامح معهم في شيء منها فلما كثر عليه ذلك عزل نفسه عن القضاء وبقي على التدريس والفتوى، وكان مبارك التدريس انتفع به جمع كثير من شهر وذكر، ثم أعيد الى القضاء مرة تانية فلم تطل مدته لما ذكرناه، وكان يقول: لم أقبل القضاء حتى وجب علي، وكان معتقدا عند الناس، مقبول الشفاعة باذلا نفسه لذلك، ولم يزل على الطريقة المرضية حتى توفي سنة خمس عشرة وثمانمائة، وكان له مشهد عظيم لم يتخلف عنه أحد من أهل البلد حتى خلت المدينة عن غالب الناس، وذلك لحين عقيدتهم فيه رحه الله تعالى، وخلف ولدين، هما القاضي الامام العلامة جمال الدين محمد الطيب، والفقيه الأجل الصالح جمال الدين محمد الصامت، فخلفه القاضي جمال الدين المذكور في التدريس والفتوى ونشر العلم، وقام بذلك أتم قيام وانتفع به كثير من التاس حتى خرج من حلقته تحو عشرين مدرسا، فضلا عن غيرهم، ثم ولي الفضاء الأكبر باليمن بعد عمه، قاضي القضاة موفق الدين علي ابن أي بكر الناشري، وسلك طريقة حسنة من الحلم والصبر على أهل الزمان، وبذل جاهه للناس في الشفاعات وقضاء الحوائج، وانتفع به الناس في ذلك نفعا ظيما عموما وخصوصا بسبب فساد الوقت وخراب البلد وعدم القائم بأمر الناس في مدة العبيد.
أخبرني بعضر الثقات قال: رأيت في المنام كأني عند قبر النبي يي، وعنده جاعة من آهل زبيد وهم يشكون عليه حاهم فقال لهم: قد خلفت فيكم هذا، وأشار بيده الى القاضي جمال الدين وكان مع الحاضرين، وكان العبيد مع ما يهم من النساد يتبلون شفاعته، ويمضون جالس صلحه، ولا يتسأخرون عن ذلك، ولا يفعلون ذلك لأحد غيره، وذلك يدل على صدق المنام المذكور،
পৃষ্ঠা ৯২