============================================================
يأتيه من يسأله التحكم فيقول له: تحكم على الشيخ أحمد الرداد، وقد يكون ذلك بحضرته، وما كان يفعل ذلك لأحد من أصحابه مع كثرتهم، وكان كثيرا ما يقرأ عليه كتب القوم بحضرة الشيخ، ويكون هو المتكلم والمخبر وغير ذلك، ووقفت له على ترجمة بخط جدي العلامة سراج الدين عبد اللطيف بن أبي بكر الشرجي رحمه الله تعالى، وصورتها الشيخ الصالح شهاب الدين أحمد بن القاضي رضي الدين أبي بكر ابن محمد الرداد التيمي القرشي شيخ الزمان والمكان، والمشار إليه بالبنان في البيان، إنسان الأعيان وعين الإنسان، إمام الطريقة وبحر الحقيقة، وينبوع المعارف الإلهية ومعدن العوارف الحقيقية، انتهت إليه رياسة الصوفية باليمن وأقر له بالفضل علماء الزمن، وحببه الله إلى خلقه ووضع له القبول في فعله ونطقه، وكانت له رياضة حسة اجتهد فيها نحو عشرين سنة حتى رقي من رتبة المعالى أعلاها فعلاها، وحوى من العلوم الإهية فحواها فحواها، ودان له بذلك من في أدنى البلاد وأقصاها، ورزق من الأخلاق الحسنة أوفاها وأسناها، فسبحان من حلاه بحلى المعارف، بل به حلاها وأعطاه من المحاسن ما يقبلها ويرضاها، وفد إليه الناس من كل جاتب ووسعت أخلاقه الأقارب والأجانب ونصب المشايخ فرفع أقدارهم فأكرم به من رافع وناصب.
وبلغي في سنة اثنين وسبعين وسبعمائة أنه كان يحضر مائدته كل صباح ومساء، قريب من ثلاثمائة رجل ولا يرى منه تضجر ولا عبوس، ولو كان في غاية الفقر والبؤس، وفيه من الكرم والجود ما يستعبد حاتما وكعبا ويزيد أدناه على عدد الحصباء وسمعته يقول: انه ولد في سنة سبع وأربعين أو ثمان وأربعين وسبعمائة، وهذا بعض الترجمة المذكورة اقتصرت عليه اختصارا، وكان رحمه الله تعالى في غاية ما يكون من سهولة الأخلاق ولين الجانب وسماحة النفس وبذل الجاه والمال، كثير السعي في قضاء حوائج المسلمين، وكان الملوك يسارعون إلى ما يقول ويقبلون منه ببركة صدقه في ذلك.
أخبري الثقة أنه اجتمع عنده في بعض الأيام نحو من مائة نفس من نواح
পৃষ্ঠা ৮৯