255

============================================================

وأربعين سنة، ولا يكاد يرى في لحيته شعرة سوداء، قال: وكان مجلسه محفوظا بالبركات، وإذا تعرض أحد لشيء من الغيبة زجره ومنعه عن ذلك، وكان عظيم الورع لا ياكل إلا ما تحقق حله، محفوظا عن الشبهات إذا اكل شيئأ فيه شبهة لا يستقر في بطنه، وربما أدرك ذلك قبل أن يأكل.

حكى الفقيه عثمان المذكور وكان ممن أخذ عنه: آنه عمل بعض جيران المدرسة وليمة، وعمل فيها صاحبها طعاما حسنا وطلب جماعة من الفقهاء والأعيان، وكان الفقيه عيسى المذكور فيمن طلب، فلما حضروا وأكلوا ورجع الفقيه إلى موضعه، لم يكد ذلك الطعام يستقر في جوفه ساعة واحدة، بل ذرعه القيء وأخرج ذلك جميعه، ثم أخرج قطعة دم، ثم قال للفقيه عتمان من هذا الرجل الذي دعانا ؟ فقال له: يا سيدي هو من أرباب الدولة، فقال: والله لو علمت لامتنعت عن الأكل، ولكني قلدت الفقهاء في ذلك، فقال الفقيه عثمان: وكان الفقيه يأمرني أن أعمل له قوته ويقول لي: عرف أهلك لا يخلطوه بغيره، فكنت أوصيهم بذلك وأجتهد عليهم، وكانوا يعتمدون ذلك، فاتفق اني اشتغلت في بعض الأيام عند الفقيه في حاجة فلم أشعر حتى أرسل أهلي بالطعام، فقدمته له وكان الخبز من بر مثرود بلحم فلما أهوى بيده ليسأكل منه، كأن أحدا صرف تفسه عنه، فجعل يقلب اللقمة ويقربها إلى فمه ثم يتركها، وربما لاك اللقمة ثم ينجعها، وكان يأخذ القطعة من اللحم بطيية نفس فيمضغها ثم يبتلعها فترك الخبز وأقبل على اللحم فأكل منه حاجته، قال الفقيه عثمان: فلما رجعت الى أهلي سألتهم عن ذلك؟ فقالوا: أرسلنا من يأخذ لنا خبزا من السوق فأخذ لنا من خبز السلطان، فلما رأينا صفاءه وحسنه كرهنا أن نرده فثردناه وأرسلنا به إليكم، فقلت لهم: لا تعودوا لمثل هذا، وأعلمتهم بما اتفق من الفقيه، وكانت وفاة الفقيه المذكور سنة تمانين وستمائة بعد أن ترك تدريس المدرسة المذكورة، وانتقل الى مدينة بيت حسين، وبها كانت وفاته، وكان له ولد اسمه محمد، تفقه وبرع وأفتى ودرس وكان فاضلا عالما مسددا في الفتوى، وكان لمحمد ولد اسمه ابراهيم، كان أيضا فقيها عارفا محققا، وربما زاد

পৃষ্ঠা ২৫৫