إن من يحيا حركته يجد كتبه - وكلها عظيم - في ما تنص، وفي ما توحي ثروة من مناقبية ثقافة لا تحصر في دفتي كتبها العديدة.
وتجد أنها في جوهرها تعبير شامل عن حياة وعن مجتمع، فهي حين تماوجت واشرأبت انطلقت لتملأ كل فراغ، ولتغسل كل درن، ولتغرق فيها كل بارجة يرفرف عليها علم مستعمر.
لذلك حكموا بالإعدام على أنطون سعادة منذ أن رفع علم الزوبعة في وجه المستعمر الأجنبي، والمستعمر الداخلي.
هذه الحركة القومية الاجتماعية - أنطون سعادة - ماذا تريد؟
جريمتها الأولى أنها قالت لمواطني هذه الأمة: لا تصدقوا الغربان أنكم زرازير، فأنتم أنتم الشواهين.
ومن جرائمها أن جعلت المواطن مسئولا عن بلاده لا متفرجا ولا مستغلا لها، وأن صرعت الطائفية في نفوس معتنقيها، وأنها استثارت فيهم البطولة والإيمان بنفوسهم وبلادهم، وأنها ثقبت بالونات التزعمات، وتهجأت أسماء الخائنين، وسرحت بلبلة التفكير في من يبغي وضوح التفكير.
كانت الحركة، وستبقى، حركة عنفوانية.
تحدت الشر لتصرعه. إن أنطون سعادة ما ثار حتى يصبح نائبا أو وزيرا، إنه استنهض وعي الأمة، وعبأه وجنده لظفر نهائي حاسم، فما هادنت نهضته الشر، ولا هادنها الشر؛ فالمستعمرون الفرنسيون سجنوا القوميين الاجتماعيين، ونكلوا بهم وخربوا بيوتهم، وعهد بشارة الخوري قبل أن ينطوي - هل انطوى؟ - قتل واغتال وشرد.
تحدثت فيما مضى إلى الرئيس السابق الأستاذ بشارة الخوري في أواسط حزيران عام 1951، فقلت: يا فخامة الرئيس، إني منذ أن انضممت إلى الحزب القومي الاجتماعي بدأ اختلاطي معهم تفهمي لمبادئهم. ليس من الممكن يا فخامة الرئيس أن يلقي البوليس، أو أن يشنق القضاة مبادئ صحيحة، كل ما يريده القوميون الاجتماعيون رخصة حزبية، ليس من منطق ولا بلد متمدن أن يحجبها عن جماعة، ويريدون إطلاق سراح هؤلاء السجناء، والكل يعرف حكاية محاكمتهم. إن هؤلاء القوميين - وهم مواطنوك - بعد أن أعدم زعيم حركتهم، والكثير من رفقائهم، وهدم بيوتهم وسد الاضطهاد باب الرزق في وجوههم، في مزاج مخيف؛ يا ويل المعتدي من مؤمن مضطهد. في رأيي إن انتظام القوميين في حزب مرخص له مسئول هو أقل خطرا على أعدائهم من أن يبقوا ثائرين ناقمين، لا يضبطهم مسئول حزبي، يشاركني بهذا الرأي كل عالم اجتماعي أو قائد عسكري أو موجه إنساني.
إن هم البارزين اليوم في هذه الجماعة هو أن يكبحوا القمة لا أن يستثيروها!
অজানা পৃষ্ঠা