229

تأويل مختلف الحديث

تأويل مختلف الحديث

প্রকাশক

المكتب الاسلامي ومؤسسة الإشراق

সংস্করণের সংখ্যা

الطبعة الثانية

প্রকাশনার বছর

১৪১৯ AH

يتقلد سَيْفًا قَطُّ، وَإِنَّمَا يُرِيدُونَ: أَنَّهُ طَوِيلُ الْقَامَةِ، فَيَدُلُّونَ بِطُولِ نِجَادِهِ عَلَى طُولِهِ، لِأَنَّ النِّجَادَ الْقَصِيرُ لَا يَصْلُحُ عَلَى الرَّجُلِ الطَّوِيلِ.
وَيَقُولُونَ: "فُلَانٌ عَظِيمُ الرَّمَادِ" وَلَا رَمَادَ فِي بَيْتِهِ وَلَا عَلَى بَابِهِ؛ وَإِنَّمَا يُرِيدُونَ أَنَّهُ كَثِيرُ الضِّيَافَةِ، فَنَارُهُ وَارِيَةٌ أَبَدًا، وَإِذَا كَثُرَ وَقُودُ النَّارِ كَثُرَ الرَّمَادُ.
وَاللَّهُ تَعَالَى يَقُولُ فِي كِتَابِهِ: ﴿مَا الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ وَأُمُّهُ صِدِّيقَةٌ كَانَا يَأْكُلانِ الطَّعَامَ﴾ ٢.
فَدَلَّنَا بِأَكْلِهِمَا الطَّعَامَ، عَلَى مَعْنَى الْحَدَثِ لِأَنَّ مَنْ أَكَلَ الطَّعَامَ، فَلَا بُدَّ لَهُ مِنْ أَنْ يُحْدِثَ.
وَقَالَ تَعَالَى حِكَايَةً عَنِ الْمُشْرِكِينَ، فِي النَّبِيِّ ﷺ: ﴿وَقَالُوا مَالِ هَذَا الرَّسُولِ يَأْكُلُ الطَّعَامَ وَيَمْشِي فِي الْأَسْوَاقِ﴾ ٢.
فَكَنَّى بِمَشْيِهِ فِي الْأَسْوَاقِ، عَنِ الْحَوَائِجِ الَّتِي تَعْرِضُ لِلنَّاسِ، فَيَدْخُلُونَ لَهَا الْأَسْوَاقَ.
كَأَنَّهُمْ رَأَوْا أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ إِذَا بَعَثَهُ اللَّهُ تَعَالَى، أَغْنَاهُ عَنِ النَّاسِ، وَعَنِ الْحَوَائِجِ إِلَيْهِمْ.
وَأَمَّا قَوْلُهُمْ: "كَانَ يُبْرِدُ الْبَرِيدَ وَحْدَهُ" وَالْبَرِيدُ الرَّسُولُ، يَبْعَثُ بِهِ مِنْ بَلَدٍ إِلَى بَلَدٍ وَيَكْتُبُ مَعَهُ، وَهُوَ الْفَيْجُ٣ فَإِنَّهُ كَانَ يَبْعَثُ بِهِ مِنْ بَلَدٍ إِلَى بَلَدٍ وَحْدَهُ وَيَأْمُرُهُ أَنْ يَنْضَمَّ فِي الطَّرِيقِ، إِلَى الرَّفِيقِ يَكُونُ مَعَهُمْ، وَيَأْنَسُ بِهِمْ.
وَهَذَا شَيْءٌ يَفْعَلُهُ النَّاسُ فِي كُلِّ زَمَانٍ.
وَمَنْ أَرَادَ أَنْ يَكْتُبَ كِتَابًا، وَيُنْفِذَهُ مَعَ رَسُولٍ إِلَى بَلَدٍ شَاسِعٍ، فَإِنَّهُ لَا يَجِبُ عَلَيْهِ أَنْ يَكْتَرِيَ ثَلَاثَةً؛ لِقَوْلِ النَّبِيِّ ﷺ: "الْوَاحِدُ شَيْطَانٌ، وَالِاثْنَانِ شَيْطَانَانِ، وَالثَّلَاثَة ركب" ٤.

١ سُورَة الْمَائِدَة: الْآيَة ٧٥.
٢ سُورَة الْفرْقَان: الْآيَة ٧.
٣ الفيج: رَسُول السُّلْطَان.
٤ سبق تَخْرِيجه ص٢٤٢.

1 / 243