هذه نماذج قليلة لتفاني الصحابة وبذلهم في سبيل عقيدتهم ودينهم وبهذه الروح السامية والحيوية الدائمة أقدموا على تلقي العلم عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -.
كان الصحابة يتعلمون من النبي - صلى الله عليه وسلم - القرآن الكريم آيات معدودات: يتفهمون معناها، ويتعلمون فقهها، ويطبقونه على أنفسهم، ثم يحفظون غيرها، وفي ذلك يقول أبو عبد الرحمن السلمي: «حدثنا الذين كانوا يقرئوننا القرآن: كعثمان بن عفان، وعبد الله بن مسعود، وغيرهما - أنهم كانوا إذا تعلموا من النبي - صلى الله عليه وسلم - عشر آيات، لم يتجاوزوها حتى يتعلموا ما فيها من العلم والعمل ... قالوا فتعلمنا القرآن والعلم والعمل جميعا» (1).
وكان بعضهم يقيم عند الرسول - صلى الله عليه وسلم - يتعلم أحكام الإسلام وعباداته، ثم يعود إلى أهله وقومه يعلمهم ويفقههم، ومن هذا ما أخرجه البخاري عن مالك بن الحويرث قال: أتينا النبي - صلى الله عليه وسلم - ونحن شببة متقاربون، فأقمنا عنده عشرين ليلة، فظن أنا اشتقنا أهلنا، وسألنا عمن تركنا في أهلنا، فأخبرناه، وكان رفيقا رحيما، فقال: «ارجعوا إلى أهليكم فعلموهم ومروهم، وصلوا كما رأيتموني أصلي، وإذا حضرت الصلاة فليؤذن لكم أحدكم، ثم ليؤمكم أكبركم» (2).
وكان الصحابة يحرصون على حضور مجالس رسول الله - صلى الله عليه وسلم -
পৃষ্ঠা ৫৮