সুন্দুক দুনিয়া
صندوق الدنيا
জনগুলি
قلت: «سألحق بكم إذن، أو أرجع إذا كان لا بد من ركوب هذا الزلزال.»
قال: «ولكن لا يليق أن تركب حمارا.»
قلت، وقد صار في وسعي أن أضحك: «في وسعك أن تعلق ورقة تكتب فيها أنه جواد مطهم.»
قال: «لا تمزح، قم اركب حماري هذا.»
قلت: «إذا كان الحمار عاليا فما الفرق بينه وبين الجواد؟»
قال بلهجة اليائس أو المنتقم: «إذن خذ هذا.»
وأشار إلى جحش قميء مهين يركبه خادم، لا سرج عليه ولا لجام له، فقمت إليه وامتطيته بوثبة واحدة وبلا معين.
واعترضتنا قناة عريضة عليها ألواح مثبتة تقوم مقام الجسر، وبين الألواح والماء تحتها متر على الأقل، فلما توسطها الجحش بدا له أن يقف، وراقه منظر الماء، فأجال فيه عينيه برهة ثم خطا إلى حافة الجسر - ولم يكن له حاجز - ومد عنقه إلى الماء، فظننت أنه قصير النظر وأنه يفعل ذلك ليكون أقدر على رؤية خياله في الماء واجتلاء طلعته البهية في صقاله، ولكنهم قالوا لي: إنه كان يريد أن يشرب. فنزلت عنه وقلت له: «يا عزيزي إن من دواعي أسفي أني مضطر أن أتركك إلى الماء وحدك. فإن ثيابي يفسدها الماء وهي غالية إذا كانت حياتي رخيصة.»
ولكنه بعد أن فكر قليلا غير رأيه، إما لأن الصورة التي طالعته في صفحة الماء كانت مضطربة مشوهة وعجز الماء عن أداء ما فيها من جمال وروعة، أو لاعتبارات حمارية أخرى لم يكاشفني بها. فأدار وجهه ومضى غير ملتفت إلي، غير أني لحقت به بعد أن اجتاز الجسر، وقلت له: «تعال لا تهرب مني يا صاحبي» وكنت على ظهره قبل أن يتمكن من الاعتراض أو الاحتجاج أو الإفلات.
ويطول بنا الكلام إذا أردت أن أصف كل ما أمتعني به من الفكاهات العملية، فقد كان فيه عناد وصلف، وكان يأبى أن يتوسط الطريق ولا يرضيه إلا أن يحك جنبه في كل ما يلقاه من شجر أو عربة أو حائط، وكان ربما وقف وغرس رجليه في الأرض. ونام. وتعودت منه ذلك وفطنت إلى أنه ذو مزاج مستقل، فكنت أتركه واقفا حتى ينتبه من هذه الإغفاءات، أو يعود إلي من سبحات عقله السقراطية، فنستأنف المسير وحسبي وحسب القراء أن أقول لهم: إني أسفت على فراقه لما انتهت الرحلة، وتمنيت لو أن صحبتنا كانت أطول.
অজানা পৃষ্ঠা