95

والأمم الغربية طبقت الديمقراطية وحدث بعد تطبيقها أن الشعب تربى فيه شعور العداء للحكومة، وعز عليه أن يفرق بين حق السيادة وحق الكفاية، فإن فاتنا أن نتنبه لهذا فنحن منساقون وراء الغرب على غير هداية.

وينبغي أن يكون التمييز بين السيادة والكفاية سهلا على الصين؛ لأننا نفهمهما من عبارة «آه تو» وعبارة «شوكوليانج».

وخلاصة العبارتين أن الحكومة إذا صلحت فنحن الملايين الأربعمائة نجعلها «شوكوليانج» لنا ونخولها كل حقوق الدولة، وأنها إذا فسدت فنحن الملايين الأربعمائة نتقلد حقوق الملك ونطردها ونسترد السيادة إلى أيدينا.

ونحن اليوم نعرف طريقة للانتفاع بالديمقراطية وطريقة لتحويل موقف الرعية منها، ولكن الأكثرين من الرعية لا يفقهون، فمن خصتهم أمانة الفقه مسئولون أن يقودوا الرعية إلى الطريق الأقوم حذرا من عاقبة التجربة في البلاد الغربية.

وقد انتهى علماء الغرب إلى أن موقف الشعوب من الحكومة خطأ وأن تغييره واجب، ولكنهم لم يبصروا بعد كيف يكون التغيير.

وهذا الذي اهتدينا إليه، فلا مناص من التمييز بين حقوق السيادة وحقوق الكفاية والقدرة، فيقوم أساس الحكم في الأمة على حقوق الأمة، أما إدارة الحكومة فتعهد إلى خبرائها، ولا يقف منا أولئك الخبراء موقف الأبهة والرئاسة وفخامة المناصب، بل حكمهم عندنا حكم السواقين أو حراس الأبواب أو الطهاة أو الأطباء أو النجارين أو من نحسب من ضروب العاملين، وما دام موقفهم هذا الموقف فالحكومة تنتظم والشعب يتقدم.

وما هي خير الوسائل لتطبيق الديمقراطية؟

إن الانتخاب هو الوسيلة التي تعم البلاد المعروفة بالبلاد الديمقراطية، فهل هو وسيلة كافية لانتظام الحكومة؟ كلا؛ لأنه أشبه شيء بالآلات القديمة التي كانت عند اختراعها تستطيع أن تتقدم، ولكنها لا تستطيع أن ترجع، وإنما يتم تركيب الأداة بالقدرة على الرجوع، والوسيلة التالية لتلك الوسيلة الأولى هي التي تيسر للشعب أن يدير الأداة إلى الوراء، وأن يعزل الحكومة التي اختارها، وهاتان الوسيلتان - وهما الانتخاب والعزل - تحفظان سيطرة الشعب على حكومته وموظفيها فيبقيهم أو يخرجهم حين يشاء، ولا غنى لأداة الحكومة عن الجهاز الذي يدفعها قدما أو يردها ويثنيها إلى حيث يريد.

ومسألة القانون مهمة للحكومة الديمقراطية كمهمة الموظفين، فإذا وجد من يحكم فلا بد أن توجد مع قاعدة لحكمه، ومن حق الأمة إذا ارتضت قاعدة للحكم أن تجعلها قانونا وتوحي إلى الحكومة بتنفيذها، وهو ما يسمى بحث اقتراح القوانين، ونعتبره الركن الثالث من أركان الديمقراطية، فإذا اتفقت الآراء على استنكار قانون غير نافع للشعب فمن اللازم إذن أن يملك الشعب الوسيلة التي تكفل له تعديله واتخاذ البديل الصالح منه، ويطلقون كلمة الاستفتاء على هذا الحق أو هذا الركن الرابع للديمقراطية.

وليس يجوز لنا أن نقول عن أمة إنها تنعم بالديمقراطية الوافية ما لم تكن هذه الحقوق الأربعة نافذة فعلا، وما لم يكن تطبيقها مرعيا بوسائله المقررة، ويومئذ تتقرر السيادة الشعبية المباشرة.

অজানা পৃষ্ঠা