وتأتي بعد مدرسة الدستوريين مدرسة الاتحاديين «الفدراليين» وعندها أن فوضى الصين راجعة إلى الغلو في المركزية وجمع السلطة كلها بين أيدي حكام العاصمة، فمن المصلحة توزيع هذه السلطة بين حكومات الأقاليم والولايات، فلا تقوى الحكومة المركزية على ارتكاب الأخطاء متى آل الحكم إلى إقليم أو ولاية.
وينسى دعاة هذه المدرسة أن سلطان بكين لم تفوضه الأمة بنص من نصوص القانون، ولكن القادة الكبار قد اغتصبوه لتوسيع سلطانهم المسلح، وكأنما يريد دعاة هذه المدرسة باقتراحهم أن يستعدوا صغار القادة من حكام الأقاليم عن كبار القادة في العاصمة، ويبقى هؤلاء القادة الكبار حيث هم ليضيفوا إلى جرائمهم الأولى جرائم جديدة، فأين وجه الصواب في هذا الاقتراح.
إن النتيجة المحتومة هي قيام حكومات منعزلة في الأقاليم جنبا إلى جنب مع حكومة القادة الكبار في العاصمة، تتوخى كل منها منافعها من حيث تتمزق الأمة وتضطرب، ولن يرجى النظام ولا الحكم الذاتي في مثل هذه الحال.
ولا ريب أن الحكم الذاتي الصحيح هو الخير الأمثل الذي يطابق مصالح الأمة الصينية كما يطابق آدابها الروحية، إلا أن هذا الحكم لا يستقر قبل تمام وحدة الأمة وألفتها، فلا حرية للأقاليم والولايات حتى تتم الحرية للصين.
وثالث المدارس مدارس المؤتمرات التي تسمى بمؤتمرات السلام، ولا ريب أن شقاء الأمة بطول الحرب الأهلية قد أوحى بهذه الفكرة إلى ذوي الرأي من الصينيين والأجانب على السواء، فإذا صح أن السلام يأتي من هذه الطريق فليس أحب إلينا منها ولا أجمل. ولكن هذا الاقتراح يبطل نفسه؛ لأن الحرب الأهلية هي جريرة المطامع التي تحيك في نفوس القادة، فهم في تنازعهم عليها لا تتمهد بينهم سبيل للوفاق، وكل وفاق بينهم لا يراد به وجه الأمة، ونتيجة هذه المؤتمرات لن تختلف من نتائج أمثالها في أوروبة؛ إذ تضيع مصالح الأمم الصغار مرضاة للدول الكبار.
ورابع المدارس مدرسة تقترح أن يتولى الحكم أناس من زمرة التجار، فهل لنا أن نقول: إن زمرة التجار تمثل الأمة؛ إذ كان القادة والسياسيون قد استحقوا بغضها؛ لأنهم لا يمثلونها؟ إن الصواب هو أن تنظم الأمة حكومة تنوب عن أبناء الصين أجمعين ولا تنحصر نيابتها في تمثيل مصالح التجار، وخليق بحكومة كهذه أن تستند إلى مشيئة الأمة بأسرها ولا تلتمس العون من قوة خارجية. (3) برنامج الثورة من خطابه في الاحتفال بمضي ثماني سنوات على الجمهورية (سنة 1920)
أعتقد أن خلق الثورة ينبغي أن يجري على نهج التقدم العصري، وأن ننتفع فيه بتجارب الأمم الأخرى، مجتنبين خطأها مهتدين بعوامل نجاحها؛ إذ لا سبيل إلى الأمل في تقويم خطط الثورة بغير دراسة ناضجة لتجارب الثورات في الدول الأخرى بين الأقوام المختلفة.
وأمامي ثلاثة أدوار للثورة: أولها حكومة عسكرية، وثانيها تمهيد وتحضير وثالثها بناء دستوري.
فالدور الأول يستغرق فترة الهدم ويقترح فيه استخدام الأحكام العرفية، ولا بد للجنود الثائرة في أثنائه من تحطيم الدولة التي أقامتها أسرة «تاي تسنج» وطرد موظفيها المفسدين واستئصال التقاليد الباليه والقضاء على الرق وتطهير البلاد من سم الأفيون وسائر سموم الوهم والسحر والخرافة والتنجيم وإلغاء المكوس الداخلية بين الأقاليم الوطنية.
والدور الثاني - وهو دور التمهيد والتحضير - تشتمل مهمته على إنشاء الحكومة الذاتية المحلية في الأقاليم وتيسير تضامن الأمة وجعل الأمة وحدة من حكومات محلية مقسمة إلى قرى ومراكز.
অজানা পৃষ্ঠা