وكانت زوجته الثانية وسطى بنات سونج الثلاث، وهن: آي لنج (أي رأفة وعمر طويل) وشنج لنج (أي سعادة وعمر طويل) وسي لنج (أي جمال وعمر طويل).
وبنات سونج هؤلاء أسرة فذة في تاريخ العالم، لم يعرف عن أخوات قط أنهن تزوجن في عصر واحد مثل زواجهن من ناحيته السياسية أو ناحيته الاجتماعية أو ناحيته الشخصية.
فالبنت الكبرى تزوجت من الدكتور كونج الذي تولى رئاسة الوزارة غير مرة، ويكاد أن يقام مقام التقديس في الصين؛ لأنه ينتمي إلى أسرة كنفشيوس ويحفظ أسماء نيف وسبعين جدا يصلون بينه وبين إمام الصين الكبير.
والبنت الوسطى تزوجت من الدكتور سن ياتسن أبي الصين ونبيها الوطني.
والبنت الصغرى تزوجت من القائد شيان كاي شيك الذي قاد الصين قبل الحرب العالمية الثانية وخلالها، ولا يزال رئيسا للصين الوطنية.
وقد أهلتهن لهذا الزواج تربية عالية وانتساب إلى أب قوي النفوذ في دوائر المال والثقافة، وهو شارل سونج العصامي النابغ، الذي تعلم في أمريكا ليعود إلى الصين رئيسا وطنيا للمرسلين، فحولته أزمات السياسة والاقتصاد إلى عمل آخر لا مناسبة بينه وبين هذا العمل، وهو التوسط لبلاده عند ملوك المال لتفريج أزماتها، ثم الانقطاع للأعمال المالية مع الانتفاع بنشأته الدينية في حماية الدعوة الوطنية.
ويباهي الصينيون بزعامة هؤلاء الأخوات للمجتمع الصيني الحديث؛ إذ ليس في أميرات الأسر المالكة ولا في بنات رؤساء الأمم من تفوقهن ثقافة وكياسة وسمتا وخبرة بآداب المجتمعات، وكلهن يعرفن أكثر من لغة أجنبية ويقرأن المأثورات اللاتينية والإغريقية ويطلعن على الأدب الصيني القديم، ويحذقن الموسيقى الغربية والشرقية كأحسن ما يحذقها المتعلمات غير المحترفات، ويعتبرن طرازا رفيعا من الجمال والرشاقة بين الصينيات، ويضارعن أرقى الأسر في تقاليد التهذيب بين بنات الصين، ويضارعن أرقى الخريجات من جامعات أمريكا في التربية العصرية.
وقد أحبت وسطاهن الدكتور سن ياتسن وهو يناهز الخمسين، ووجد رواة الأخبار في هذا الزواج مادة صالحة لقصة غرامية في حياة المشاهير، فأذاعوا أن الدكتور شغف بالفتاة وغلب على أمره حبا فتزوجها مع ما بينهما من فارق السن، ونسجوا حول ذلك الزواج ما راقهم من نسج الخيال وزخارف التلفيق.
وليست القصص الغرامية بالشيء النادر في سير الزعماء والمشاهير، وليس في هذه القصة خاصة ما يوجب التفنيد أو التصحيح لو كان غاية ما في الأمر أن الزعيم أحب الفتاة، ولكن بيان الحقيقة في هذه القصة خاصة يكشف عن خصلة جوهرية من خصال الدكتور، ويرينا مثلا قويا من الاعتبارات التي يلحظها في أعماله، وهي اتقاء القيل والقال.
فالواقع أن سن ياتسن كان صديقا لشارل سونج والد الفتيات الثلاث وكان سونج من كبار الماليين الذين جندهم الزعيم لخدمة القضية الوطنية، وكان لا بد له من تجنيد طائفة من أصحاب المصارف والشركات الوطنية لتصنيع البلاد وتزويد الحركة بما تحتاج إليه والوساطة في الأزمات الاقتصادية بين الصين وبيوت المال الأجنبية.
অজানা পৃষ্ঠা