ويوما أثبتت له أنها تفكر فيما وراء المائدة والكانفاه، قالت: عيسى، أنت تشرد كثيرا وتلوح في وجهك الكآبة أحيانا، وأنا أتألم لذلك جدا.
فأبدى أسفه لتألمها، وقال: أنا بخير فلا تهتمي لذلك. - ولكن هناك أسبابا تسيء إلى الرجل. - مثال ذلك؟ - أن يكون بلا عمل وهو قادر عليه.
فابتسم وهو متضايق جدا، وقال: لعله يضايقك أن تجدي زوجك عاطلا!
فقالت بتوكيد: أنا لا يهمني إلا أثر ذلك عليك أنت. - وماذا تقترحين أن أعمل؟ - أنت أدرى يا عزيزي.
فقال ببساطة: لا توجد وظيفة خالية.
وضحكا بلا روح البتة، ولكنها عادت تقول برجاء: فكر في ذلك جديا، أرجوك.
وقال لنفسه: إنها على حق، وإن رأسها البليد لا يخلو أحيانا من فكرة صائبة، وهو نفسه يؤمن بضرورة العمل، ولكن ما بال همته خائرة؟ ... هل أصاب إرادته مرض؟ ... لم لا يفتح مكتبا أو حتى يشارك في مكتب؟
كان يفكر في العمل، ولكنه يعيش بلا عمل، وبلا إقدام جدي على الخطوة المطلوبة، وكان على درجة من الطمأنينة برصيده، ثم زاد من طمأنينته زواجه الدسم، وفضلا عن ذلك فإن معاشه يتكفل بنثريات حياته اليومية، فأذعن للكسل والكبرياء، وتعزز نفوره الأبدي من أن يبدأ من أول الخط، وجرى وراء التسلية بأي سبيل سواء في البيت أو الخارج، في رأس البر أو الإسكندرية، ولم ينتبه باهتمام إلى مرور الأيام.
وقال له سمير عبد الباقي: وزنك يزيد باستمرار فانتبه لنفسك.
حقا، إنه يكثر من الطعام والحلوى منه بصفة خاصة، ولا تخلو وجبة له من كأس أو كأسين، وقال: أعلم ذلك، وسيقول الناس إن زوجتي تعلفني بسخاء.
অজানা পৃষ্ঠা