সুলতান মুহাম্মদ ফাতিহ
السلطان محمد الفاتح: فاتح القسطنطينية
জনগুলি
وأما قصر السلطان فكان كبيرا وإن امتاز بالبساطة، فقد كان السلطان الفاتح ميالا إلى الوحدة والتفكير، منصرفا إلى دراسة فنون الحرب والأدب والفن، وكان له حريمه الخاص، وإن لم يكن معروفا عنه حب الترف أو الانهماك في الملذات والشهوات، كان للحريم مقر خاص به، وبه الغرف اللازمة لأبناء السلطانة وأمهاتهم السلطانات، وكانت الكسوة تجري على الحريم عدة في الأعياد والمواسم والمناسبات. وبالقصر أماكن خاصة بالفتيات العذارى، وكلهن من أصل رقيق، جلبن عن طريق الشراء أو الأسر، وكان عدد كبير من نساء الحريم قد دربن لأعمال الخدمة والطهي وغيرها، وكان السلطان عادة يصطفي لنفسه من الحريم الخاص من يشاء، فيعطين عند ذلك حجرات منفصلة متميزة، ومن لم يحظين باختيار السلطان يزوجهن السلطان عادة لوزرائه وقواده، أو المقربين منه، ويحل محلهن غيرهن ممن سرن في نظام تعليمي معين. وكان ذلك النظام يعنى بتدريب الفتيات وتعليمهن إلى سن الخامسة والعشرين.
وأما العاصمة نفسها فلقد تغير وجهها بالفتح العثماني؛ فلقد تحولت كثير من الكنائس إلى مساجد، وجعلت المساجد العظيمة التي قام بتشييدها السلطان العثماني ووزراؤه للمدينة فخامة وبهاء فتانا، وروعة أخاذة بمآذنها العالية، وقبابها المستديرة، كما كانت مقابر السلاطين العثمانيين الذين خلفوا الفاتح قطعا رائعة من الفن، وفي هذه المباني الجديدة لم يندثر الفن البيزنطي بأي حال، وكثرت الحانات والتكايا والزوايا، ولم يمض نصف قرن على الفتح العثماني إلا وشيدت القصور العظيمة التي تزينها الحدائق الجميلة، وهاجر إلى المدينة تحت رعاية السلطان عدد كبير من عرب إسبانيا ويهودها الذين اضطهدتهم الكنيسة الكاثوليكية، وأذاقتهم أصناف العذاب، وقامت الأسواق العظيمة، وعاد إلى المدينة رونقها وحركتها، نتيجة للتسهيلات الكثيرة التي وضعها العثمانيون للمهاجرين والتجار.
ولقد بقي في المدينة الخالدة - كما يقول رامبرتي الذي زارها وكتب عنها في سنة 1534م - كثير من الآثار العظيمة القديمة التي ما زالت محتفظة برونقها، فقناطر المياه وأقواس النصر والأعمدة ما برحت تشهد بماضي هذه المدينة المجيد. وقرر رامبرتي أيضا أن هذه المدينة لا زالت متمتعة بجمالها وبهجتها، وهذا يدحض زعم هؤلاء الذين يقولون إن الأتراك خربوا المدينة، وقضوا على كثير من آيات الفن فيها، ولم ينته عهد الفاتح إلا والمدينة آهلة بالسكان، عامرة بالأسواق والمصانع الحربية وغيرها، فلقد أحياها الفتح العثماني، أصبح للمدينة حياة جديدة زاهرة بعد أن تفوق فيها العنصر التركي، وتركزت فيها الدولة الإسلامية الجديدة بقوتها وعظمتها.
ويدعي بعض المؤرخين الإفرنج أن القسطنطينية فقدت مركزها باستيلاء العثمانيين عليها، وهذا غير صحيح، ولا ينطبق على الواقع بل بالعكس لقد عظم مركز القسطنطينية بعد أن احتلها العثمانيون، فبعد أن كانت عاصمة لدولة منهارة مضمحلة أصبحت عاصمة لأقوى دولة في الشرق والغرب. لقد كانت القسطنطينية حين احتلها العثمانيون عاصمة بدون ممتلكات، عاصمة بدون دولة حقيقية. ولذا لم تفقد القسطنطينية مركزها في أوروبا ولا بالنسبة لآسيا. بل قوي مركزها في البلقان، ولم تفقد شرقيتها بأي حال ولا صبغتها الأرثوذكسية، فلقد حافظ السلطان محمد الفاتح على هذه الصبغة التي كادت تندثر بالاتحاد مع الكنيسة الغربية لو طالت حياة الدولة البيزنطية قليلا.
لقد ظلت القسطنطينية (إستامبول) عاصمة للشرق الأدنى غير منازعة لمدة تزيد على أربعة قرون، منها يستمد حياته وقوته ونشاطه السياسي، وينظر إليها كافة سكان الشرق الأدنى كمدينتهم العظيمة، تهفو إليها قلوبهم، وتحن إلى زيارتها والتمتع بجمالها ورونقها نفوسهم، لم تفقد المدينة جمالها ولا عظمتها بل زاد هذا الجمال وهذه العظمة، ولم تفقد مركزها الجغرافي أو الاستراتيجي أو الحربي أو السياسي، بل بالعكس زادت هذه الأهمية، فإستامبول ظلت مركزا أوروبيا سياسيا من الطراز الأول، لا يقل مركزها عن مراكز عواصم الدول الكبرى الحديثة، وظلت إلى الآن سيدة المضايق حتى بعد أن هجرها الأتراك إلى أنقرة، وسيظل اسمها ما بقيت مقرونا باسم منشئها قسطنطين الأكبر وفاتحها محمد الثاني العظيم. •••
ولم تكن ناحية السلطان الفاتح الثقافية أقل من النواحي السياسية أو الحربية أو التنظيمية.
كان السلطان الفاتح يحترم العلماء ورجال الدين، وفاق في ذلك كل من سبقه من السلاطين العثمانيين. لقد عمل على توطيد مركز العلماء، وعلى إكرامهم، وتوفير وسائل المعيشة والكرامة لهم، كان الفاتح يعتبرهم بحق ركنا هاما من الأركان الأربعة الأساسية التي تقوم عليها دولته العظيمة. كان يعتقد أن القوة الحربية وحدها لا تبني مجد أمة ولا تجعل لها استقرارا، فهو رجل عظيم الثقافة مستنير محب للعلم ويتذوق الأدب ويغشى نواديه ويحفظ الشعر، وكثيرا ما يتمثل به في الظروف المختلفة وخاصة الشعر الفارسي، وكان هو نفسه يحسن قول الشعر وله ديوان باللغة التركية مخطوط، كتبه عماد من أشهر خطاطي إيران في عهد السلطان سليم الأول، ثم طبع في برلين ولكنه ناقص كما يقول شهاب الدين سليمان بك - صاحب تاريخ يكي عثمانلي تاريخ أدبيات - وديوانه يسمى ديوان عوني وكله في الغزل.
ومن شعره:
ساقيا مي صوك كه بركون لاله زار ألدن كيدر
ابر يشور فصل خزان باغ وبهار ألدن كيدر
অজানা পৃষ্ঠা