সুলতান মুহাম্মদ ফাতিহ
السلطان محمد الفاتح: فاتح القسطنطينية
জনগুলি
عني السلطان محمد الثاني بفرق المشاة عناية خاصة في الوقت الذي ظلت فيه أوروبا تعتمد على نظام الفرسان كأهم فرقة في جيوشها، ومن المقطوع به أن الدول التي اهتمت بنظام المشاة في ذلك الوقت كان لها قصب السبق في أوروبا؛ فتركيا من ناحية الشرق وإسبانيا من ناحية الغرب كانتا أقوى دول في أوروبا من الناحية الحربية، في النصف الثاني للقرن الخامس عشر وفي القرن السادس عشر. وإذا كان محمد الثاني قد اهتم بنظام الجيش، فلقد كان أهم عوامل استقرار النظام فيه الانتظام في دفع مرتباته، فوجه السلطان عنايته بصفة خاصة إلى هذه الناحية، بل واهتم بزيادتها من حين لآخر، ولقد أعاد تنظيم الإنكشارية، وناط برئيسها أعمال البوليس بمدينة إستامبول، فلا عجب إذا أصبح جيش الفاتح الجيش المنصور الذي لا يقهر.
ونبغ في عهد الفاتح عدد من القواد النابهين الذين عاونوه في حروبه وكان لهم ضلع كبير في انتصاراته، وربما كان أهمهم محمود باشا وأحمد باشا، وكل من هذين الرجلين تولى الوزارة والصدارة العظمى، وكل منهما من أصل مسيحي، وارتفع مكانا عليا في الدولة.
فأما محمود باشا فكان يطلق عليه ولي الدين محمود، ولد من أبوين صربيين، وكما تقول رواية من أب إغريقي وأم صربية، وأتي به إلى أدرنة إلى بلاط السلطان مراد الثاني حيث تثقف ثقافة إسلامية، ثم نبغ في الدولة، فعينه السلطان محمد الثاني صدرا أعظم في سنة 1543م بعد إعدام خليل باشا، وكان يصحب السلطان في كل غزواته، ثم كلفه السلطان بإخضاع الصرب، وهو الذي قاد الحملة البحرية إلى طرابزون وسينوب، بينما كان السلطان نفسه يقود الحملة البرية. واشترك كذلك معه في حروب المجر والبوسنة، وحكم صنجق غاليبولي، ولقد بنى هذا الرجل مسجدا ومدرسة في إستامبول، وكان محبا للعلم يتذوق الأدب ويقول الشعر، وله ديوان عدلي.
أما أحمد باشا كيديق فأصله جندي إنشكاري أوصلته كفايته ومقدرته إلى منصب القيادة، وتم على يديه زوال الحكم السلجوقي نهائيا من آسيا الصغرى، وهزيمة أوزون حسن وإخضاع كيليكيا للأتراك. وكصدر أعظم تم على يديه فتح القرم، وهو قائد الحملة الإيطالية التي استولت على تارنتو. ولقد اشترك ذلك الرجل في الأحداث السياسية في عهد السلطان بايزيد الثاني ابن الفاتح مما أدى إلى اضطهاده. •••
وكما اهتم السلطان الفاتح بالجيش اهتم بالمسائل المالية فهي أساس مهم من أسس الدولة. فدقق في تنظيم جمع الضرائب حتى تكون الحكومة مطمئنة إلى موارد دخلها ، وجعل السلطان محمد الثاني الإشراف على الأمور المالية للدفتردار، وهي وظيفة ترجع إلى أصل فارسي، وكان للدولة على عهد الفاتح دفتردار واحد لروميليا عين له السلطان مساعدا يختص بالشئون المالية لآسيا الصغرى.
وعني بالقضاء فهو من عمد الدولة، كما عني برجاله وتحديد وظائفهم ومناصبهم، وجعل الإشراف عليه لقضاة العسكر، فكان لهم مركز مهم في الدولة؛ فهم أعضاء في الديوان ويتقدمون على الوزراء، والسلطان الفاتح هو الذي أعطى المفتي لقب شيخ الإسلام فأصبح ذلك المركز - وخاصة بعد عهد الفاتح - من أعظم مراكز الدولة.
وكانت قوانين الدولة تختلف على حسب مللها، وإن كان القانون الأساسي للدولة هو الشرع؛ فهو قانون الحكومة الذي يحدد علاقات المسلمين وعلاقتهم بغيرهم من سكان الدولة؛ فهو يحدد علاقة المسلمين بالذميين.
ولقد ترك للذميين حق اتباع كنائسهم الخاصة وقوانين مللهم المختلفة وتقاليدهم فيما يتعلق بمسائل الحكم المحلي، وفيما يختص بمسائلهم الشخصية كالزواج والطلاق، وكذا المسائل الدينية، فهؤلاء الذميون تركوا ليتبعوا في حياتهم نظمهم وتقاليدهم القومية، فكان حكم الأتراك لهذه الرعية حكما غير مباشر، ولم تشترك هذه الرعية في حياة الدولة السياسية أو العلمية إلا بقدر صغير محدود، ولكنها تمتعت بسلام وأمن لم تعرف مثلهما قبل الحكم التركي.
وراعى الأتراك في القضاء العدالة التامة بين المسلمين والمسيحيين إلى حد أن إحدى الفتاوى قد صدرت تقول بأنه إذا قتل ألف من المسلمين مسيحيا واحدا مخلصا للسلطان دون حق يجب قتلهم، ولقد فرض النظام العثماني على المسيحيين ضريبة الرءوس وضريبة الأراضي ولم تكن حالهم سيئة في عهد الحكم العثماني في العصور الأول. بل كانت أمامهم الفرص للتعاون مع العثمانيين في مناصبهم وحروبهم.
ونظرا لأن معظم رعايا السلطان الفاتح المسيحيين كانوا من الأرثوذكس يجب أن نشير هنا إلى أن فتح القسطنطينية لم يضعف من مركز الكنيسة الإغريقية بأي حال، فلقد كان جورج سكولاريوس المسمى جناديوس والذي اختاره الفاتح بطريركا من أشد أعداء فكرة اتحاد الكنيستين الشرقية والغربية، بل لقد أعلن أن الخضوع للكنيسة الغربية اللاتينية نقمة على المسيحية ولعنة على الإمبراطورية، وسيعقبه حتما انتهاء الدولة البيزنطية، وفعلا تم ما تنبأ به.
অজানা পৃষ্ঠা