جمل تتعاطف كما تتعاطف الحجج النواصع ، ثم هي لا ترجع في خلاصتها الا الى معنى واحد ، هو التماس الحجة ( بطول المدة! ).
ولا نعرف في منطق الحق مقياسا يثبت الخلافة بطول المدة أو بكبر السن!!
وقد يكون الرجل أبصر الرجال في شراء ضمائر الناس ، أو في تأريث الفتن في الناس ، ولكن ذلك لا يعني استحقاق هذا الرجل لنيابة النبوة في الاسلام.
وقد يكون الرجل أقوم الرجال في ضبط أعصابه وفي كبت عواطفه ، حتى ليعده الناس من كبار الحلماء ، ولكن ذلك ليس دليل الامامة الدينية في الناس ، لان الحلم العظيم كما يكون في الامام ، يكون في المتزعمين المنافقين.
وقد يكون الرجل في حنكته أقدر الناس على تربيب العقائد وتوجيه الرأي العام الى الاخذ برأيه الخاص سواء كان رأيه من رأي الله أو من رأي العاطفة ولكن ذلك لا يعدو بهذا الرجل ان يكون المبتدع في الدين ، لا الخليفة على المسلمين. لان الخليفة لا رأي له الا رأي القرآن ، ولا سند له الا من الحديث ، ولا مرجع له الا الى الله عز وجل.
اذا ، فليس الرجل الصالح لملكوت الخلافة الاسلامية ، والنيابة عن النبوة في الدين ، الا مخلوق من نوادر الخلق ، يختاره الله من عباده ويصطفيه من جميع خلقه ، لمزايا ينفرد بها عن العباد ، وفضائل يتميز بها عن الخلق. والله سبحانه الذي برأ العباد أعرف بذلك العبد الصالح الذي انفرد بهذه المزايا ، وانماز بهاتيك الفضائل. وهو الذي يوحي باسمه الى نبيه فيختاره من دون غيره. وليس لاحد بعد ذلك أن يختار.
اما معاوية فلم يكن له من سوابقه وسوابق أبيه ، ولا من كيفية اسلامه واسلام أبيه ، ولا من مواقفه مع عمر وعثمان ومع علي عليه السلام ما يزعه عن التطاول الى ادعاء أعظم المراتب في الاسلام ، حتى جاء يقول
পৃষ্ঠা ৮৭