فقال الرجل موبخا: إذا أردت أن تعترف بالجميل فلا تعتمد على الذاكرة وحدها ..
وانقطع الطلق، وخيم على الحجرة المغلقة السكون فاتجهت الرءوس إليها، ومرت فترة فنفد صبر عبد المنعم فقام ماضيا إلى الباب ونقره، ففتح ربع فتحة عن وجه خديجة المكتنز، فطالعها بعينين متسائلتين، وهم بإدخال رأسه، ولكنها صدته براحتيها وهي تقول: لم يأذن الله بالفرج بعد .. - طال الوقت، ألا يكون طلقا كاذبا؟ - الحكيمة أدرى بذلك منا، اطمئن وادع لنا بالفرج.
وأغلقت الباب، فعاد الشاب إلى مجلسه بجوار أبيه الذي علق على قلقه بقوله: اعذروه فإنه محدث ولادة.
وأراد كمال أن يتسلى، فأخرج من جيبه جريدة البلاغ حيث كانت مطوية فيه وراح يتصفحها، فقال أحمد: أعلنت في الراديو النتائج الأخيرة للمعركة الانتخابية (ثم وهو يبتسم في سخرية): ويا لها من نتائج مضحكة ..
فتساءل والده دون اكتراث: ما مجموع الناجحين من الوفديين؟ - ثلاثة عشر على ما أذكر.
ثم قال أحمد موجها خطابه إلى خاله ياسين: لعلك مسرور يا خالي إكراما لسرور رضوان؟
فقال ياسين وهو يهز منكبيه باستهانة: لا هو وزير ولا هو نائب، فماذا يهمني من الأمر كله؟
وقال إبراهيم شوكت ضاحكا: كان الوفديون يظنون أن عهد الانتخابات المزورة قد انتهى، ولكن شهاب الدين أضرط من أخيه!
فقال أحمد في امتعاض: الظاهر أن الاستثناء هو القاعدة في مصر! - حتى النحاس ومكرم قد سقطا في الانتخابات، أليس هذا هزلا؟
وهنا قال إبراهيم شوكت في شيء من الحدة: لكن لا ينكر أحد أنهما أساءا الأدب حيال الملك؛ إن للملوك مقامهم، وليس على ذلك النحو تساس الأمور ..
অজানা পৃষ্ঠা