فاتجه كمال نحوه في اهتمام صبياني، وسأله: ماذا ستصنع مني؟ - لا أدري، ولكن ينبغي أن توطن نفسك على ألا تزعل، فإن كثيرين ممن قرءوا أنفسهم في أقاصيصى قد زعلوا .. - لماذا؟ .. - لعله لأن لكل إنسان فكرة عن شخصه من خلقه هو، فإذا جرده الروائي منها أبى وغضب! ..
فتساءل كمال في قلق: ألديك فكرة عني غير ما تعلن؟
فبادره في توكيد قائلا: كلا، ولكن الروائي قد يبدأ من شخص ثم ينساه كلية وهو بصدد خلق نموذج بشري جديد، لا صلة بينه وبين الأصل إلا الإيحاء، وإنك توحي إلي بشخصية الرجل الشرقي الحائر بين الشرق والغرب، الذي دار حول نفسه كثيرا حتى أصابه الدوار. «يتكلم عن الشرق والغرب، ولكن من أين له أن يعرف عايدة؟ قد تكون التعاسة متعددة الجوانب.»
وقال إسماعيل لطيف في بساطة مرة أخرى: طول عمرك تخلق لنفسك المتاعب، الكتب في نظري أساس بلواك، لماذا لا تجرب الحياة الطبيعية؟
وبلغوا في مسيرهم منعطف عماد الدين فمالوا إليه، وقد اعترضهم جماعة كبيرة من الإنجليز فتفادوا منها، وقال إسماعيل لطيف: إلى جهنم، من أين لهم بهذا الأمل؟! ترى هل يصدقون أنفسهم؟
فقال كمال: يخيل إلي أن نتيجة الحرب قد تقررت، غايتها الربيع القادم ..
فقال رياض قلدس ممتعضا: النازية حركة رجعية غير إنسانية، وسوف يتضاعف شقاء العالم تحت أقدامها الحديدية ..
فقال إسماعيل: ليكن ما يكون، المهم أن نرى الإنجليز في نفس الموضع الذي فرضوه على العالم الضعيف!
وقال كمال: ليس الألمان بخير من الإنجليز ..
فقال رياض قلدس: ولكننا انتهينا مع الإنجليز إلى بر، والاستعمار البريطاني يوغل اليوم في الشيخوخة، ولعله قد تلطف ببعض المبادئ الإنسانية، ولكننا سنتعامل غدا مع استعمار فتي مغرور شره غنى حرب، فما العمل ؟
অজানা পৃষ্ঠা