إن هذه المحاولة لاحتواء العوامل نفسها التي ساعدت في تأسيس الإمبراطورية العثمانية كانت إحدى المعضلات المستمرة في التاريخ العثماني، ولم يكن الأمر على الإطلاق مقتصرا فقط على حدودها مع أوروبا المسيحية، وأوضح مثال على ذلك نراه في تاريخ الطريقة البكتاشية، التي سميت نسبة لصوفي قبلي تقليدي يدعى الحاج بكتاش ولي (المتوفى عام 1337).
28
ومثل بقية منتجات البيئة التي تنتهج اللاسلطوية الدينية الموجودة خارج المدن، فقد كانت الصوفية التي روجها الحاج بكتاش تتكون من مزيج فريد من عناصر متعددة مأخوذة من التقليد الصوفي وبيئته القبلية؛ فقد كانت خليطا من الأفكار الصوفية، والتراث الشاماني للقبائل التركمانية، والشيعية الشعبية، والمسيحية الريفية للأناضول.
29
وعلى غرار الطرق الحدودية لشخصيات مشابهة؛ مثل صاري صالتق (المتوفى عام 1298) في البلقان، فقد كانت طريقة الحاج بكتاش مرتبطة في البداية بالمستوطنين الجدد المتحدثين بالتركية فحسب، سواء أكانوا محاربين قبليين أم مزارعين حديثي الاستيطان.
30
ومع مرور الوقت، ومنذ أواخر القرن السادس عشر فصاعدا، حافظت طريقة الحاج بكتاش على ارتباطها بالعسكرية (أو اكتسبته) من خلال علاقاتها بالجيش العثماني الأكثر تنظيما. وعلى الرغم من ذلك، فقد بدأت محاولات فرض المركزية والسيطرة على البكتاشيين فيما بعد في وقت مبكر، يعود إلى عام 1501 عندما عينت الدولة بالم سلطان (المتوفى عام 1516) الموالي للعثمانيين كرئيس للبكتاشيين، والذي عين في منصب «الشيخ الثاني» كوريث رسمي ل «الشيخ المؤسس» الحاج بكتاش.
31
وقد اتخذت هذه المحاولة لسيطرة الدولة على البكتاشيين - التي لم تكن تسعى لقمع هذه الطريقة (إذ لو حدث هذا، لكان أمرا بالغ الخطورة) - شكل تقنين تنظيمها لتنتقل من كونها جماعة صوفية قبلية إلى طريقة صوفية رسمية لها قيادة معينة، بطريقة مركزية، ولها مساكن في المدن وليس في الريف. وبينما كان السلاطين الأوائل مناصرين كرماء، ومتحمسين لضريح الحاج بكتاش، فبعد حكم بايزيد الثاني (الذي حكم من عام 1481 إلى عام 1512) أصبح دعم الإمبراطورية للضريح أقل انتظاما إلى حد كبير.
32
অজানা পৃষ্ঠা