74
ولم يكن هذا التعامل مع الملوك مثار خجل؛ فقد سجلت بكل فخر عائلة أبي سعيد بن أبي الخير (المتوفى عام 1049) في خراسان الكثير من القصص التي تروي التدخلات الخارقة لجدهم الولي في شئون الدولة.
75
والأكثر إثارة ربما هو أن هذه القصص لم تنتشر عن طريق سير الأولياء التي كتبتها أسرهم، بل انتشرت عن طريق كتب التاريخ التي ألفت برعاية القصر الملكي وليس المسكن الصوفي. وليس المقصود هنا الإشارة إلى وجود حد فاصل بين حاشية الملوك والصوفيين؛ لأن الصورة الأكثر ثراء التي يكونها الباحثون عن التفاعل الاجتماعي في عواصم فترة القرون الوسطى، المتمثلة في شيراز وهراة وقونية ودلهي، تشير إلى أنه لم تكن توجد جبهة قوية من المشتغلين بالصوفية طوال الوقت، بل كانت توجد كيانات أكبر من الأتباع الذين كانوا يتنقلون ما بين البلاط الملكي والخانقاه.
76
عندما نشر هذا العدد المتزايد من الأتباع المؤثرين تلك القصص المبالغ فيها؛ بسبب القيل والقال والتوقعات، زادت مكانة الصوفيين والإيمان بقدراتهم؛ فإذا كان معروفا عن أحد الأولياء قدرته على إلحاق الهزيمة بجيوش كاملة نيابة عن السلطان، فإن المسلم العادي المنتمي لطبقة اجتماعية أقل من الممكن أن يكون واثقا، على نحو معقول، بأن هذا الولي لديه القدرة على شفاء ابنته المريضة. وعلى الرغم من أن أدلتنا معتمدة في الأساس على نصوص الكتاب المنتمين لمجموعات صغيرة نسبيا من النخب الدينية أو السياسية، فإن محتويات تلك النصوص استمدت أيضا من نطاق أوسع من القصص الشفهية، وأضافت إليها كي تصل إلى عدد أكبر من الناس.
77
شكل 2-4: تسلسل التقليد: «سلسلة» شيوخ إحدى الطرق الصوفية (تصوير: نايل جرين).
إن نتائج هذا الاعتقاد بأن الصوفيين أولياء يصنعون المعجزات لم تقتصر على إنتاج القصص؛ فعلى غرار عمر السهروردي في بغداد، وفي الكيانات القبلية الانقسامية في أقصى الشرق، فإن انتساب العائلات الصوفية للأولياء جعلهم رجالا مباركين محصنين مناسبين تماما للعمل كدبلوماسيين ووسطاء.
78
অজানা পৃষ্ঠা