সুদান
السودان من التاريخ القديم إلى رحلة البعثة المصرية (الجزء الثاني)
জনগুলি
وفي عهد فضيلة الشيخ المراغي أحدث كثيرا من الإصلاح، فوضع في سنة 1912 لائحة جديدة للرسوم، ولائحة للمأذونين بينت شروط تعيينهم وواجباتهم وتأديبهم على المخالفات التي تصدر منهم، كما استبدل في سنة 1915 لائحتي الترتيب والنظام السالف ذكرهما بلائحة واحدة أسماها لائحة ترتيب ونظام المحاكم أدخل فيها كثيرا من الأنظمة، وما زال بها يصلح ما ظهر له وجه للإصلاح حتى نقل لمصر في 9 أكتوبر سنة 1919، فتولى بعده حضرة صاحب الفضيلة الشيخ محمد أمين قراعة، وقد كان مفتشا في السودان من نوفمبر سنة 1914، وفي عهده صدرت إصلاحات مفيدة ومنشورات وتعليمات اقتضاها الحال. ولما نقل في 6 مايو سنة 1932 تعين بعده في هذا المنصب حضرة صاحب الفضيلة الشيخ محمد نعمان الجارم، فأصدر كثيرا من المنشورات القضائية والنظامية، وأدخل في عهده تعديلات على لائحة المأذونين ولائحة ترتيب ونظام المحاكم، واستبدلت لائحة الرسوم بلائحة أخرى وما زال به إلى الآن. على أن الإصلاح في محاكم السودان من حيث اقتباس الأحكام المناسبة للعصر مما لم يكن في مذهب أبي حنيفة سبقت فيه السودان مصر بزمن بعيد، إذ أساس القضاء فيه أن يكون الحكم بالأرجح من آراء فقهاء الحنفية، إلا في المسائل التي يصدر فيها قاضي القضاة منشورات أو مذكرات قضائية فإنه يعمل بما ينص قاضي القضاة على العمل به من آراء فقهاء الحنفية أو غيرهم من أئمة المسلمين في التشريع. وعلى ذلك جرى العمل: فالطلاق لعسر النفقة أو للعيب، وطلاق زوجة المفقود إذا مضت مدة أربع سنين من حين رفع الأمر إلى القاضي ولم يعد الزوج ولم يظهر له خبر، والتفريق للشقاق والضرر بين الزوجين مما لم يؤخذ به في مصر إلا بالقانون نمرة 25 سنة 1920، والقانون 25 سنة 1929 قد شرع العمل بها والحكم على مقتضاها بمنشور أصدره قاضي القضاة سنة 1902.
صاحب الفضيلة الشيخ محمد أمين قراعة.
فضيلة الشيخ محمد نعمان الجارم قاضي قضاة السودان حالا.
نعم إن محاكم السودان لم تجر على القول بعدم وقوع طلاق السكران والمكره، وعدم وقوع الطلاق غير المنجز إذا قصد به الحمل على فعل شيء أو تركه لا غير، وعلى القول بأن الطلاق المقترن بعدد لفظا أو إشارة لا يقع إلا واحدة، وعلى القول بأن كنايات الطلاق لا يقع بها الطلاق إلا بالنية، وأن كل طلاق يقع رجعيا إلا المكمل للثلاث، والطلاق قبل الدخول والطلاق على مال وغيره مما جرى عليه العمل في مصر سنة 1929 إلا في مارس سنة 1935. وسبب تأخير هذا التشريع إلى هذا العهد الظن بأن الأفكار في السودان لم تكن مستعدة لهذا التشريع قبل هذا التاريخ.
ويجمل بنا أن نقول: إن المحاكم الشرعية السودانية تتغذى الآن من خريجي القضاء الشرعي، وهو قسم من كلية غوردون يتخصص في العلوم الشرعية مدة خمس سنوات، ولا يقبل في هذه المدرسة إلا بقدر حاجة المحاكم، ويخضعون في امتحانهم في العلوم الشرعية للجنة يعينها قاضي القضاة أو من ينوب منابه. وعند تخرجهم يعينون «عمالا قضائيين» في المحاكم يتمرنون على الأعمال القضائية مدة ثلاث سنوات، ومتى برهنوا في هذه المدة على كفاءة تامة أصدر قاضي القضاة أمرا لقضاة المحاكم المعينين بها لندبهم للفصل في القضايا والوراثات التي هي من اختصاص قاضي المركز تمرينا لهم على القضاء، حتى إذا ما أسند إليهم القضاء في محكمة قاموا به على الوجه الأكمل، وأكبر رجال القضاء الشرعي الموجودين الآن ومن ثلاثة منهم تتكون المحكمة العليا الشرعية التي تستأنف لديها أحكام قضاة المديريات فيما هو من اختصاصهم، أو تتألف منهم محكمة التمييز التي تنظر في الأحكام التي تصدر من قضاة محاكم المديريات بعد مدة الاستئناف أو الأحكام التي تصدر منهم، وهي من اختصاص قضاة المراكز في مدة الاستئناف إذا رغبوا عن الاستئناف لدى قضاة محاكم المديريات أو بعد مضي مدة الاستئناف هم أصحاب الفضيلة:
الشيخ محمد نعمان الجارم
قاضي قضاة السودان
الشيخ أحمد السيد الفيل
مفتي السودان ونائب قاضي القضاة *
الشيخ أبو شامه عبد المحمود
অজানা পৃষ্ঠা