الرابع:
إن مصر وحدها دفعت منذ استعادة السودان نفقات الأعمال والمشروعات ما عدا خزان مكوار فبلغ ما أنفقته نحو 5600000 جنيه، ومصر وحدها هي التي دفعت العجز المتوالي في ميزانية السودان فبلغ ما دفعته في هذا السبيل 5350000 جنيه.
الخامس:
منذ استعادة السودان تنفق مصر على عشرة آلاف جندي مصري في السودان للدفاع في الخارج ولمنع كل ثورة في الداخل، فتحملت مصر من وراء ذلك إنفاق 13 مليون جنيه مع أن القوة الإنكليزية في السودان نحو ألف رجل لم تزد النفقة عليهم على مليوني جنيه.
إن مصر تحملت في سبيل السودان نفقة مالية كبيرة جدا كما تدل سجلات الحسابات، وقد تحملت هذه الأعباء رغم الديون المتراكمة عليها ورغم شدة حاجتها إلى الأموال؛ لتقوم بالأعمال العمومية لا سيما أعمال الري التي يحول بها ري الحياض إلى ري دائم، وقد كان بالإمكان إصلاح مليوني فدان لا تزرع الآن بنصف الأموال التي أنفقتها. •••
فالاستنتاج الطبيعي المعقول من كل ما تقدم هو أنه يجب اعتبار السودان جزءا من مصر لا يقبل التجزئة حتى إن اتفاق 1899 ذاته لا يعارض ذلك؛ فإن ذلك الاتفاق يشرك إنكلترا مع مصر لا في السيادة على السودان، بل في الإدارة، وإذا كان العلم الإنكليزي قد ظل يخفق على السودان إلى جانب العلم المصري فمرجع ذلك إلى الاهتمام باتقاء العراقيل التي تنجم عن تنفيذ حكم الامتيازات هناك فتحول دون تقدم تلك البلاد.
وفي الواقع أن اتفاق 1899 قد تضمن ما نصه: «من حيث إنه صار لازما اختيار طريقة للإدارة وسن قوانين للأقاليم المستعادة المذكورة» وزاد على ما تقدم قوله : «ومن حيث إنه ظاهر ولأسباب عديدة يمكن أن تدار وادي حلفا وسواكن إدارة أفعل إذا ضمتا إلى الأقاليم المستعادة» وبالفعل تم ضم حلفا وسواكن إلى الأقاليم المستعادة حتى يكون الجميع خاضعا لنظام الحكم الذي قرره الاتفاق.
وهذه وادي حلفا وهذه سواكن لم تجل عنها الجنود المصرية قط فضمهما إلى الأقاليم المستعادة يثبت أن ذلك الاتفاق ما كان يرمي إلا إلى الوجهة الإدارية، ولم يكن الغرض منه أن يخرج السودان من السيادة المصرية.
وتأييدا لهذا الإيضاح لاتفاق 1899 نستعين بحكم اللورد كرومر الذي هو بلا شك أصدق مفسر له؛ لأنه هو الذي وضعه، فإليك ما يراه القارئ في تقريره لعام 1901 و1903.
ففي تقرير 1901 ما نصه:
অজানা পৃষ্ঠা