دراسات في تاريخ العرب القديم
دراسات في تاريخ العرب القديم
প্রকাশক
دار المعرفة الجامعية
সংস্করণের সংখ্যা
الثانية مزيدة ومنقحة
জনগুলি
الذي يهمنا هنا ألا تكون كتاب تاريخ يحاول فرض مضمونه على الحاضر والمستقبل، كما حاول فرضه على الماضي، وإذا كان ما يعزى للتوراة من قيمة تاريخية لا يجد له سندًا، إلا فيما يزعم لها من قداسة، فالذي لا شك فيه أن هناك ثمة علاقة بين قيمة التوراة ككتاب تاريخ، وقيمتها ككتاب مقدس، ذلك أنه كلما تدعمت قيمتها ككتاب مقدس تضاءلت الريبة في صدق ما تضمنته من وقائع وسهل وصول هذه الوقائع إلى يقين الناس على أنها من حقائق التاريخ التي لا ينبغي الشك فيها، وقد أدركت الصهيونية العالمية هذه الحقيقية، فأحسنت استغلالها إعلاميًّا في الغرب المسيحي لدعم ما زعمت أنه حقها في إنشاء دولتها إسرائيل، ولكن أية قيمة تبقى لتاريخ لا يجد سندًا له، إلا فيما يزعم لكتاب واحد من قداسة، وهي بعد قداسة توجه إليها سهام الريب من أكثر من جانب، وليس بالوسع القول بأنها ترقى إلى ما فوق مظان الشبهات١.
ومن هنا فإننا سننظر إلى التوراة كمصدر تاريخي، دون أن نتقيد كثيرًا بتلك الهالة التي فرضتها على المؤمنين بها، إن من كتبوا التوراة المتداولة اليوم -كما يقول المؤرخ الإنجليزي سايس- كانوا بشرًا مثلنا، وهم كمؤرخين لا يختلفون كثيرًا عن نظائرهم من معاصريهم في الشرق، كما أنه ليس هناك تاريخ لا يحتمل المناقشة، بل لا يحتمل أن نخطئه، وما دامت التوراة كتاب تاريخ، فليس هناك ما يمنع المؤرخ من أن يناقشها مناقشة حرة دون تمييز، يتقبل ما تقوله بصدر رحب، إن كان يتفق مع الأحداث التاريخية، ويوافق المنطق والمعقول، ويرفضه حين نذهب بعيدًا عن ذلك٢.
_________
١ صبري جرجس: التراث اليهودي الصهيوني - القاهرة ١٩٦٧ ص٥١، ٥٨-٥٩.
٢ انظر عن "التوراة والحقائق التاريخية" كتابنا إسرائيل ص١١٣-١٢٣.
٢- كتابات المؤرخ اليهودي يوسف بن متى: ولد يوسف بن متى هذا "أو يوسفيوس فيلافيوس" في أورشليم عام ٣٧م وتوفي في روما عام ٩٨م "أو ١٠٠م"، وكان قد أرسل إلى روما في عام ٦٤م من قبل المحكمة العليا عند اليهود "السنهدرين" للدفاع عن الأحبار الذين سجنوا بأمر المفوض الروماني، ونجح في مهمته ثم عاد إلى القدس، واشترك في ثورة ضد الرومان انتهت بأسره، إلا القائد الروماني "فسباسيان" أنقذه، وسرعان ما نال
٢- كتابات المؤرخ اليهودي يوسف بن متى: ولد يوسف بن متى هذا "أو يوسفيوس فيلافيوس" في أورشليم عام ٣٧م وتوفي في روما عام ٩٨م "أو ١٠٠م"، وكان قد أرسل إلى روما في عام ٦٤م من قبل المحكمة العليا عند اليهود "السنهدرين" للدفاع عن الأحبار الذين سجنوا بأمر المفوض الروماني، ونجح في مهمته ثم عاد إلى القدس، واشترك في ثورة ضد الرومان انتهت بأسره، إلا القائد الروماني "فسباسيان" أنقذه، وسرعان ما نال
1 / 27