ولما اعترفوا تخلى عنهم البوليس!
وعرف كثيرون بعد ذلك أن المؤامرة الموهومة التي راح ضحيتها ستة عشر شخصا لم تكن سوى رواية تمثيلية أخرجت بإتقان، وكان هدفها تخلص ستالين من بعض أعدائه، أو من بعض الذين يشك في إخلاصهم، ويخشى ما قد يتسبب له بسببهم في المستقبل.
وقد لاحظ بعض الذين شهدوا المحاكمة أن الأشقياء الستة عشر كانوا يعترفون أثناء المحاكمة كأنهم بلا إرادة ولا رأي ... فقد وقفوا أثناء المحاكمة، لا للدفاع عن أنفسهم أو عن تصرفاتهم، ولا لطلب الرحمة، ولكنهم وقفوا يطلبون الموت ... وكانت أمنية كل واحد منهم كما عبر عنها في المحكمة هي: «أن يرى الطبقات العاملة قبل أن يموت، وقبل أن يكفر بحق عن الخيانة التي ارتكبها.»
فهل يمكن أن يتصرف رجل عاقل يتحكم في قواه العقلية بهذا الشكل وهو يعلم أن مصيره الموت على أي حال من الأحوال؟
وكان من جراء ذلك أن انتشرت الشائعات المختلفة، حتى لقد ذهب البعض إلى حد القول بأن التنويم المغناطيسي قد استعمل وسيلة للتأثير على هؤلاء المتهمين الأبرياء، وأن «المنوم المغناطيسي» هو الذي أثر عليهم هذا التأثير وأمرهم بالإدلاء بهذه الأقوال في المحكمة، فامتثلوا لأمره.
بل ذهب البعض إلى أبعد من هذا فقال: إن ستالين تمكن بواسطة أطبائه من اختراع دواء يفقد كل من يشربه إرادته ... وأن المتهمين لا شك تجرعوا هذا الدواء، وهو الذي جعلهم يعترفون في المحكمة بما اعترفوا به!
ولكن الواقع هو أن البوليس السري كان يتولى بنفسه ترتيب كل شيء، و«تنظيم» عملية المحاكمة والاعتراف ...
ويجدر بنا وقد تعرضنا هنا «لاعترافات» المتهمين في هذه القضايا أن نسجل ما جاء في خطاب خروشيشيف الذي فضح أساليب ستالين خاصا بهذا الموضوع؛ إذ قال:
بدا تجبر ستالين على الحزب واللجنة المركزية واضحا وضوحا كاملا عقب المؤتمر السابع عشر الذي عقده الحزب في عام 1934.
فقد حصلت اللجنة المركزية على معلومات كثيرة في هذا الصدد تكشف عن تجبر ستالين حيال بعض أعضاء الحزب القدامى المجاهدين ، ومن ثم شكلت لجنة تخضع لرقابة المجلس الأعلى للجنة المركزية مهمتها التحقيق في حقيقة الأسباب التي أدت إلى اتخاذ إجراءات قمع جماعية ضد معظم أعضاء اللجنة المركزية السابقين، وضد أعضاء انتخبوا في المؤتمر السابع عشر للحزب الشيوعي.
অজানা পৃষ্ঠা