ولم تكن نتيجة الاستفتاء مشجعة لستالين على السير في سياسة تخفيف القيود؛ فقد ظهر أن الرأي العام معارض بشدة لقانون حظر الإجهاض، كما أن الاستفتاء في المؤتمرات الحزبية التي عقدت في موسكو وليننجراد أثبت أن عددا كبيرا من الأصوات قد جاء ضد أعضاء المكتب السياسي، بل وضد ستالين نفسه، ولكي يبرر ستالين هذه الهزيمة أخذ يبحث عن أسبابها بين العناصر المناهضة للثورة، ولما لم يكن في وسعه اتهام زينوفييف وكامنيف وأتباعهما بعد أن زج بهم جميعا في السجون، فقد وجه الاتهام إلى بوهارين وتومسكي وريكوف، ولم يكن الغرض من اتهام هؤلاء الثلاثة هو إبرازهم في مظهر المعارضين لسياسة ستالين فقط، ولكن في مظهر المتآمرين على إبعاده عن السلطة.
وقدم زينوفييف وكامنيف وأنصارهما للمحاكمة العلنية في أغسطس من عام 1936، فاعترفوا بأنهم ألفوا في عام 1932 «جبهة» بالاشتراك مع التروتسكيين الموجودين في روسيا، وأنهم تلقوا تعليمات من تروتسكي في الخارج، واعترفوا علاوة على ذلك أنهم فكروا في قلب الحكومة، وفي قتل ستالين، وأنهم هم الذين دبروا مقتل كيروف.
وفي يناير من عام 1937 بدأت محاكمة فريق آخر من زعماء الشيوعيين، كان من بينهم بياتكوف وراديك وسربرياكوف، واعترف هؤلاء أيضا بأنهم دبروا مؤامرة لقتل ستالين وغيره من زعماء الحزب، وأنهم ألفوا جبهة «تروتسكية بوهارينية»، ونظموا أعمال التخريب في حوض الدونتس، والأورال، وسيبيريا، وموسكو.
وقد اعتمد الاتهام في هذه القضية على «اعترافات» المتهمين وشهادة غيرهم من المقبوض عليهم، ويمكن القول إن الاتهام لم يكن قائما على أساس؛ فقد قرر تروتسكي أنه منذ عام 1928 لم تكن له أي علاقة بزينوفييف وكامنيف، كما لم تكن له علاقة بأحد من أتباعه؛ لأنهم جميعا سلموا لستالين، بل إن راديك نفسه الذي قدم في هذه القضية على أنه من أتباع تروتسكي كان من ألد أعدائه؛ بدليل أنه قتل صديقا من أخلص أصدقاء تروتسكي وهو بلومكين.
وقد هزت قضية هذه المؤامرة أوروبا كلها عندما أذيع أنها كانت تستهدف القضاء على شخص ستالين وعهده كله ...
وصدر الحكم بالإعدام ضد المتهمين جميعا، وفي مقدمتهم زينوفييف وكامنيف وساياكيف، وحاول بعضهم أن يتنصل من التهمة ويلقيها على غيره، حتى قال أحدهم عن نفسه وعن زملائه: لقد كنا كلابا للفاشيست!
وأكد بعضهم للمحكمة، والدموع تتساقط من عيونهم، أنهم يحبون ستالين ويقدرونه.
أما كامنيف نفسه فلم يقل أكثر من أن عريضة الاتهام التي تقدم بها النائب العام إلى المحكمة ليس فيها إلا الحق والصدق، ثم أثنى وهو يبكي على ستالين!
وهكذا صدر الحكم بالإعدام بعد أن قرر المتهمون كلهم أنهم مذنبون، واعترفوا بأنهم نادمون على جريمتهم!
وعلق تروتسكي وقتئذ - أي: في أغسطس من عام 1936 - على هذا الحكم فقال: إن البوليس السري الروسي «الأوجبيو» هو الذي ألزم المتهمين بالاعتراف كذبا بعد أن وعدهم بأنهم سينجون بأرواحهم بهذا الاعتراف الكاذب ...
অজানা পৃষ্ঠা