ولقد أدت هذه المحاباة الواضحة للمسيحية في «البحث اللاهوتي» إلى اعتقاد بعض الشراح أن اسپينوزا، حين نبذ اليهودية، قد اتجه بتفكيره إلى المسيحية عن إيمان صحيح بها، أو أنه تأثر بتعاليمها وفضلها على سائر العقائد.
وقد ظهر هذا الرأي واضحا في كتابات الأب «دونين بوركوڨسكي
Dunin-Borkowski »، الذي جعل لتأثير التعاليم المسيحية المحل الأول في تحديد اتجاه اسپينوزا الفكري،
14
كذلك يظهر رأي مماثل لدى «برنشڨك»، الذي أبدى اهتماما كبير بالنصوص التي أعرب فيها اسپينوزا عن إعجابه بشخصية المسيح، وأكد تبعا لذلك أن المسيح قد ضرب لاسپينوزا المثل بخروجه على اليهودية، ورفضه كل عبادة ذات طابع مادي، فضلا عن المثل الذي ضربه له بحياته الروحية وتضحيته.
15
بل إن بعض الشراح اليهود ذاتهم قد وجدوا في «البحث اللاهوتي السياسي» ميلا واضحا إلى المسيحية؛ فأكد «هيلر
Heller » أن «بحث اسپينوزا للاهوت العهد القديم والعهد الجديد يتسم بتحيز واضح للمسيحية.»
16
ورأى «ليوشتراوس» أن هذا الكتاب قد وضع من وجهة نظر مسيحية، أو وجهة نظر تحتل فيها المسيحية المكانة الأولى، وعلق على ذلك بقوله: «لا يسع المرء إلا أن يعتقد أنه أراد أن يقدم إلى المسيحيين النصيحة الآتية: أن يتخلوا عن الآثار اليهودية المادية التي شوهت المسيحية منذ بدايتها، أو أن يعودوا إلى التعاليم الروحية الخالصة للمسيحية الأصلية ... فالغرض الأساسي من «البحث اللاهوتي السياسي» هو تحرير المسيحية من تراثها اليهودي.»
অজানা পৃষ্ঠা