خطب ودروس الشيخ عبد الرحيم الطحان
خطب ودروس الشيخ عبد الرحيم الطحان
জনগুলি
وأما أهل السنة فقالوا: الأصل في الدين الاتباع، والعقول تبع، ولو كان أساس الدين على المعقول لاستغنى الخلق عن الوحي، وعن الأنبياء – عليهم صلوات الله تعالى وسلامه – ولبطل معنى الأمر والنهي، ولقال من شاء ما شاء، ولو كان الدين بني على المعقول، وجب أن لا يجوز للمؤمنين قبول أشياء أمروا بها حتى يعقلوها، ونحن إذا تدبرنا عامة ما جاء في أمر الدين من ذكر صفات الله – ﷿ – وما تعبد الناس من اعتقاده، وكذلك ما ظهر بين المسلمين، وتداولوه بينهم، ونقلوه عن سلفهم، إلى أن أسندوه إلى الرسول – ﷺ – من ذكر عذاب القبر، وسؤال الملكين والحوض، والميزان، والصراط، وصفات الجنة، وصفات النار، وتخليد الفريقين فيهما، أمور لا تدرك حقائقها بعقولنا، وإنما ورد الأمر بقبولها، والإيمان بها، فإذا سمعنا شيئًا من أمور الدين، وعقلناه، وفهمناه فلله الحمد في ذلك والشكر، ومنه التوفيق، وما لم يمكنا إدراكه وفهمه، ولم تبلغه عقولنا آمنا به، وصدقناه، واعتقدنا أن هذا من قَبِلَ ربوبيته وقدرته، واكتفينا في ذلك بعلمه ومشيئته قال – ﵎ – في مثل هذا: ﴿وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي وَمَا أُوتِيتُم مِّن الْعِلْمِ إِلاَّ قَلِيلًا﴾ الإسراء٨٥، وقال – جل وعلا –: ﴿وَلاَ يُحِيطُونَ بِشَيْءٍ مِّنْ عِلْمِهِ إِلاَّ بِمَا شَاء﴾ البقرة٢٥٥.
ثم نقول لهذا القائل الذي يقول: بني ديننا على العقل، وأمرنا باتباعه: أخبرنا إذا أتاك أمر من الله – ﷻ – يخالف عقلك، فبأيهما تأخذ؟ بالذي تعقل، أو بالذي تؤمر؟ فإن قال: بالذي أعقل فقد أخطأ، وترك سبيل الإسلام، وإن قال: إنما آخذ بالذي جاء من عند الله فقد ترك قوله.
فالواجب علينا أن نقبل ما عقلناه إيمانًا وتصديقًا، وما لم نعقله تسليمًا واستسلامًا، وهذا معنى قول من قال من أهل السنة: إن الإسلام قنطرة لا تُعبر إلا بالتسليم.
1 / 180