سلامة الصدر
سلامة الصدر
প্রকাশক
مطبعة سفير
প্রকাশনার স্থান
الرياض
জনগুলি
سلامة الصدر
وخطر الحقد، والحسد، والتباغض، والشحناء، والهجر، والقطيعة
مفهوم، وأسباب، وآداب، وأحكام، وعلاج
في ضوء الكتاب والسنة
تأليف الفقير إلى الله تعالى
د. سعيد بن علي بن وهف القحطاني
অজানা পৃষ্ঠা
بسم الله الرحمن الرحيم
المقدمة
إن الحمد لله، نحمده، ونستعينه، ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله، صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين وسلم تسليمًا كثيرًا أما بعد:
فهذه رسالة مختصرة في «فضل سلامة الصدر، وخطر الحقد، والحسد، والتباغض، والشحناء، والهجر، والقطيعة» بيَّنت فيها: مفهوم الهجر، والشحناء، والقطيعة: لغة، وشرعًا، وذكرت الأدلة من الكتاب والسنة الدالة على وجوب سلامة الصدر وطهارة القلب، والأدلة على تحريم الهجر،
1 / 3
والشحناء، والقطيعة، وذكرت الأسباب التي تسبب العداوة، والشحناء، والقطيعة؛ للتحذير منها، ومن الوقوع فيها، ثم ذكرت أسباب سلامة الصدر وطهارة القلب؛ للترغيب فيها، والعمل بها.
والله أسأل أن يجعل هذا العمل مباركًا، نافعًا، خالصًا لوجهه الكريم، وأن ينفعني به في حياتي وبعد مماتي، وأن ينفع به كلَّ من انتهى إليه؛ فإنه تعالى خير مسؤول، وأكرم مأمول، وهو حسبنا ونعم الوكيل، ولا حول ولا قوة إلا بالله العليم العظيم، وصلى الله وسلم على نبينا محمد، وعلى آله وأصحابه، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.
المؤلف: أبو عبد الرحمن
حرر بعد عصر يوم الخميس الموافق
٢/ ٥/١٤٢٦هـ بمدينة الرياض
1 / 4
أولًا: مفهوم الهجر، والشحناء، والقطيعة:
١ - مفهوم الهجر لغة: القطع، يقال: هجرته هجرًا: قطعته، والاسم الهجران (١).
واصطلاحًا: هو هجر القريب وترك وصله ومنع الإحسان إليه (٢).
٢ - مفهوم القطيعة: الهجر، يقال: قطع فلان فلانًا، هجره، ولم يتصل به، ومنعه الخير، وقطعه عن حقه (٣).
واصطلاحًا: هو قطع القريب والانفصال عنه وعدم وصله، ومنع الإحسان إليه (٤).
٣ - مفهوم الشحناء: المشاحن: المعادي،
_________
(١) المصباح المنير، للفيومي (٢/ ٦٣٤).
(٢) لغة الفقهاء، لمحمد روّاس (ص ٣٣٥ و٤٦٣).
(٣) المصباح المنير، للفيومي (٢/ ٥٠٩)، ومعجم لغة الفقهاء (ص ٣٣٤).
(٤) النهاية في غريب الحديث (٤/ ٨٢)، ومعجم لغة الفقهاء (ص ٣٣٤).
1 / 5
والشحناء العداوة، والحقد (١).
واصطلاحًا: امتلاء الصدر بالعداوة والبغضاء والحقد (٢).
ثانيًا: خطر الهجر، والقطيعة، والشحناء والحسد والبغضاء:
الحقد، والبغضاء، والحسد، والهجر، والشحناء، والقطيعة، آفاتٌ مهلكةٌ، ومدمرةٌ للمجتمع، ومفرقة بين الأخلاء والأصحاب، وأسباب لنيل غضب الله ﷿، وعقوبته في الدنيا والآخرة؛ للأدلة من الكتاب والسنة الثابتة الصريحة على النحو الآتي:
١ - تحريم التدابر، والتحاسد، والتباغض؛ لحديث أبي هريرة ﵁ قال: قال رسول الله ﷺ: «لا تحاسدوا، ولا تناجشوا، ولا تباغضوا،
_________
(١) النهاية في غريب الحديث لابن الأثير (٢/ ٤٤٩)، ومعجم لغة الفقهاء (ص ٣٣٤).
(٢) معجم لغة الفقهاء، لمحمد رواس، (ص ٢٣٠).
1 / 6
ولا تدابروا (١)، ولا يبع بعضكم على بيع بعضٍ، وكونوا عباد الله إخوانًا، المسلم أخو المسلم:
لا يظلمه، ولا يخذله، ولا يحقره، التقوى هاهنا» ويشير إلى صدره ثلاث مرات «بحسب امرئ من الشرِّ أن يحقر أخاه المسلم، كل المسلم على المسلم حرام، دمه، وماله، وعرضه» (٢).
وهذا الحديث قد دل على أمور عظمية، منها، ما يأتي:
الأمر الأول: قوله ﷺ: «لا تحاسدوا» يدل على تحريم الحسد، وهو في الحقيقة: بغض نعمة الله تعالى على المحسود، وتمني زوالها، وهو على أنواع:
_________
(١) لا تدابروا: لا تتهاجروا، فيهجر أحدكم أخاه، مأخوذ من تولية الرجل دبره، إذا أعرض عنه حين يراه، وقيل للإعراض: مدابرة؛ لأن من أبغض أعرض، ومن أعرض ولَّى دبره. فتح الباري، لابن حجر (١٠/ ٤٨٢).
(٢) مسلم، كتاب البر والصلة، باب تحريم ظلم المسلم، وخذله، واحتقاره، ودمه، وعرضه، وماله، برقم ٢٥٦٤.
1 / 7
النوع الأول: بغض نعمة الله تعالى على المحسود، وتمني زوالها، فتكون له، وهذا فيه اعتراض على الله وقسمته، وما أحسن ما قاله القائل:
ألا قل لمن بات لي حاسدًا ... أتدري على من أسأت الأدب؟
أسأت على الله في حكمه ... بأنك لم ترض لي ما وهب
النوع الثاني: بغض نعمة الله تعالى على المحسود وتمني زوالها، ولو لم تكن له، وهذا شر من النوع الأول، وما أحسن ما قاله القائل:
اصبر على حسد الحسود ... فإن صبرك قاتله
النار تأكل بعضها ... إن لم تجد ما تأكله
وهذان النوعان من أنواع الحسد المذموم.
النوع الثالث: حسد الغبطة: وهو تمني أن يكون له مثل حال المحسود من غير أن تزول النعمة عنه، فهذا لا بأس به ولا يعاب صاحبه، بل هذا قريب من المنافسة، وقد قال الله تعالى: ﴿وَفِي ذَلِكَ
1 / 8
فَلْيَتَنَافَسِ الْمُتَنَافِسُونَ﴾ (١). ومثل ذلك قوله ﷺ: «لا حسد إلا في اثنتين: رجل آتاه الله القرآن فهو يقوم به آناء الليل وآناء النهار، ورجل آتاه الله مالًا، فهو ينفقه آناء الليل وآناء النهار» (٢).
وقد قسم الإمام ابن القيم ﵀ الحسد إلى ثلاث مراتب:
المرتبة الأولى: تمني زوال النعمة عن المحسود، وتحقيق ذلك بالأذى بالقلب، واللسان، والجوارح، فهذا هو الحسد المذموم.
المرتبة الثانية: تمني استصحاب عدم النعمة، فهو يكره أن يحدث الله تعالى لعبده نعمة، بل يحب
_________
(١) سورة المطففين، الآية: ٢٦.
(٢) متفق عليه من حديث ابن عمر ﵄: البخاري، كتاب فضائل القرآن، برقم ٥٠٢٥، ومسلم، كتاب صلاة المسافرين، باب فضل من يقوم بالقرآن ويعلمه، برقم ٨١٥.
1 / 9
أن يبقى على حاله: من جهله، أو فقره، أو ضعفه، أو شتات قلبه عن الله، أو قلة دينه، فهو يتمنى دوام ما هو فيه من نقصٍ وعيبٍ، فهذا حسد على شيء مقدر، والأول حسد على شيء محقق.
المرتبة الثالثة: حسد الغبطة، ففي حديث عبد الله بن مسعود ﵁ قال: «لا حسد إلا في اثنتين: رجل آتاه الله مالًا فسلَّطه على هلكته في الحق، ورجل آتاه الله حكمة فهو يقضي بها ويعلمها» (١). فهذا حسد غبطة، الحامل لصاحبه عليه كِبَرُ نفسه، وحبُّه لخصال الخير.
والحسد المذموم من صفات اليهود، ومن عمل إبليس، ومن أمثلته: قصة ابني آدم وحسد أولاد يعقوب لأخيهم يوسف، وأما أضراره فكثيرة منها:
_________
(١) متفق عليه: البخاري، كتاب العلم، باب الاغتباط في العلم والحكمة، برقم ٧٣، ومسلم، كتاب صلاة المسافرين، باب فضل من يقوم بالقرآن، برقم ٨١٦.
1 / 10
أن فيه نوع اعتراض على الله في حكمه؛ ولهذا يذكر أنه يأكل الحسنات كما تأكل النار الحطب، ومن أضراره ما يحصل لقلب الحسود ونفسه من الآلام والغل، والهم، والغم، والأعصاب وجرح الفؤاد، وغير ذلك من الأضرار. أما آثار الحسد في المجتمع فهو يسبب: الغيبة، والنميمة، والبغي، والعدوان، والظلم، والاتهام، والسرقة، والقتل، ويختلف الحاسدون كل على قدر قلة إيمانه وضعف دينه (١).
والحسد مرضٌ، خطيرٌ، مهلكٌ، للقلوب، والأمم، والجماعات، والأسر، بل للدين والأخلاق، ومما يبيِّن هذه المهلكات الأسباب الآتية:
١ - الحسد مرض قديم من أمراض القلوب في
_________
(١) انظر: جامع العلوم والحكم لابن رجب (٢/ ٢٥٧ - ٢٦٣)، والأخلاق الإسلامية للميداني (١/ ٧٨٩ - ٨١٩)، وذم الحسد وأهله، لابن القيم، وأمراض القلوب لشيخ الإسلام ابن تيمية.
1 / 11
الأمم؛ لقوله ﷺ: «دبَّ إليكم داء الأمم قبلكم: الحسد، والبغضاء، وهي الحالقة، لا أقول: تحلق الشعر ولكن تحلق الدين» (١).
٢ - الحسد من رَذائل الأخلاق القبيحة الفاسدة
٣ - الحسد من أشد معاصي القلوب، ومعاصي القلوب أشدُّ إثمًا من كثير من معاصي الجوارح.
٤ - الحسد يدل على ضعف إيمان الحاسد؛ لقول النبي ﷺ: «لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه» (٢).
٥ - الحسد يدل على أن صاحبه فاقد التعاون
_________
(١) الترمذي، برقم ٢٥١٠، وحسنه الألباني في صحيح الترمذي، (٣/ ٦٠٧)، ويأتي تخريجه آخر الكتاب.
(٢) متفق عليه: البخاري، كتاب الإيمان، بابٌ من الإيمان أن يحب لأخيه ما يحب لنفسه، برقم ١٣، ومسلم، كتاب الإيمان، باب الدليل على أن من خصال الإيمان أن يحب لأخيه ما يحب لنفسه، برقم ٤٥.
1 / 12
على البر والتقوى؛ لقول النبي ﷺ: «إن المؤمن للمؤمن كالبنيان يشدُّ بعضه بعضًا» وشبك ﷺ بين أصابعه (١).
٦ - الحسد يدل على أن صاحبه فاقد الرحمة؛ لقول النبي ﷺ: «مثل المؤمنين في توادِّهم وتراحمهم، وتعاطفهم، مثل الجسد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى» (٢).
٧ - الحسد معصية لله تعالى ولرسوله ﷺ -، كما دل عليه الحديث «لا تحاسدوا ...».
_________
(١) متفق عليه: البخاري، كتاب الصلاة، باب تشبيك الأصابع في المسجد، برقم ٤٨١، ومسلم، كتاب البر والصلة، باب تراحم المؤمنين وتعاطفهم، برقم ٢٥٨٥.
(٢) متفق عليه: البخاري، كتاب الأدب، باب رحمة الناس والبهائم، برقم ٦٠١١، ومسلم، كتاب البر والصلة، باب تراحم المؤمنين وتعاطفهم، برقم ٢٥٨٦.
1 / 13
٨ - الحسد من صفات أقبح المخلوقات الناطقة:
أ) فهو من صفات إبليس، قال الله تعالى: ﴿وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلَائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ أَبَى وَاسْتَكْبَرَ وَكَانَ مِنَ الْكَافِرِينَ﴾ (١)، فقد حسد إبليس آدم فعصى الله تعالى ولم يسجد حينما أمره الله سبحانه.
ب) والحسد من صفات اليهود والنصارى، قال الله تعالى: ﴿وَدَّ كَثِيرٌ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَوْ يَرُدُّونَكُمْ مِنْ بَعْدِ إِيمَانِكُمْ كُفَّارًا حَسَدًا مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِهِمْ﴾ (٢). وقال تعالى: ﴿أَمْ يَحْسُدُونَ النَّاسَ عَلَى مَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ﴾ (٣).
جـ) والحسد من صفات المنافقين، قال الله تعالى: ﴿هَا أَنْتُمْ أُولَاءِ تُحِبُّونَهُمْ وَلَا يُحِبُّونَكُمْ وَتُؤْمِنُونَ بِالْكِتَابِ كُلِّهِ وَإِذَا لَقُوكُمْ قَالُوا آمَنَّا وَإِذَا خَلَوْا عَضُّوا عَلَيْكُمُ الْأَنَامِلَ مِنَ
_________
(١) سورة البقرة، الآية: ٣٤.
(٢) سورة البقرة، الآية: ١٠٩.
(٣) سورة النساء، الآية: ٥٤.
1 / 14
الْغَيْظِ قُلْ مُوتُوا بِغَيْظِكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ (١١٩) إِنْ تَمْسَسْكُمْ حَسَنَةٌ تَسُؤْهُمْ وَإِنْ تُصِبْكُمْ سَيِّئَةٌ يَفْرَحُوا بِهَا وَإِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا لَا يَضُرُّكُمْ كَيْدُهُمْ شَيْئًا إِنَّ اللَّهَ بِمَا يَعْمَلُونَ مُحِيطٌ﴾ (١).
٩ - الحسد لا يقع إلا بين ضعفاء البصائر:
أ) فهو يقع بين النساء، فيحسد بعضهن بعضًا، وخاصة المتزوجات بزوج واحد، إلا من عصم الله تعالى.
ب) ويقع بين المتشاركين في رئاسة أو مال.
جـ) ويقع بين النظراء والزملاء، كحسد ابني آدم، فقد حسد القاتل المقتول فقتله.
١٠ - أسباب الحسد التي إذا وجدت أو بعضها حصل الحسد من الحاسد للمحسود وهي:
أ) العداوة والبغضاء؛ فإن من آذاه إنسان لسبب
_________
(١) سورة آل عمران، الآيتان: ١١٩، ١٢٠.
1 / 15
من الأسباب أبغضه قلبه، وغضب عليه، ورسخ في قلبه الحقد عليه، والحقد يقتضي التشفِّي والانتقام، فإن عجز عن التشفي منه بنفسه أحب أن ينزل به مصيبة يتشفَّى بها؛ فإن حصلت له المصيبة فرح بها وشمت عليه، وظنها لأجله، وإذا أصابته نعمة أساءه ذلك؛ لأنها ضد مراده ومرغوبه.
ب) خبث النفس وشحها بالخير لعباد الله تعالى، فنجد بعض الناس العاطلين إذا ذُكِرَ إنسان عنده بخير أساءه ذلك، وإذا ذُكِر بسوء فرح به، فهو أبدًا يكره الخير للناس، ويحب لهم الشر والأذى، كأنهم يأخذون الخير من بيته وخزائنه، وهو من فضل الله وجوده.
يقول بعضه العلماء: البخيل من يبخل بمال نفسه، والشحيح هو الذي يبخل بمال غيره على
1 / 16
الناس. وقيل: البخيل الذي يمسك مال نفسه ولا ينفقه في الواجب، والشحيح هو الذي لا ينفقه في الواجب مع الحرص عليه.
والحسود بخيل شحيح: بخيل بنعمة الله على عباده، ويعادي فضل الله على خلقه، وهذا ليس له سبب إلا الخبث في النفس، والرذالة في الطبع، ومعالجة هذا شديدة عسرة؛ لأن الحسد بسائر الأسباب أسبابه عارضة يمكن زوالها فيزول، وهذا خبث في الجبلة لا عن سبب عارض؛ فلذا تعسر إزالته، نسأل الله العفو والعافية!
١١ - آثار الحسد التي تحصل بسبب وجود الحسد:
أ) المقاطعة، والهجر، والبغضاء، والشحناء
ب) الغيبة، والنميمة
جـ) الظلم، والعدوان
1 / 17
د) السرقة، والقتل
١٢ - علاج الحسد: على النحو الآتي:
أ) يجب على الحاسد أن يتوب إلى الله تعالى؛ ويعلم أن الله الذي يعطي ويمنع، ويعز ويذل، وكل ذلك بحكمة بالغة، فلا يُعطي إلا لحكمة، ولا يمنع إلا لحكمة يعلمها سبحانه.
ب) يقطع نظره عن الناس، ويعلق قلبه بالله ﷾، ويسأله من فضله.
جـ) إذا رأى من ينافسه في الدنيا فلينافسه في الأعمال الصالحة التي ترتفع بها منزلته عند الله يوم القيامة.
د) التربية منذ الطفولة على حب الخير للناس
هـ) أن يدرب نفسه على قول: ما شاء الله لا قوة إلا بالله، إذا أعجبه شيء.
و) إذا وجد في نفسه شيئًا من الحسد المذموم
1 / 18
بادر بالدعاء للمحسود بالزيادة من فضل الله تعالى؛ لأن الإنسان قد يكون عنده حسد ويخفيه،
ولا يترتب على حسده أذىً بأي وجه من الوجوه:
لا بفعله، ولا بلسانه، ولا بيده، ولا يعامل أخاه إلا بما يحب الله ورسوله، وهذا لا يكاد يخلو منه أحد إلا من عصم الله؛ ولهذا قيل: ما خلا جسدٌ من حسدٍ، لكن اللئيم يبديه، والكريم يخفيه؛ ولهذا الحسد مرض من أمراض القلوب لا يخلص منه إلا القليل.
ولكن على المؤمن أن يجاهد نفسه على دفع ذلك، ويدعو للمحسود بصدقٍ وإخلاصٍ، ويتمنى زيادة الخير له، ولا يُرتِّب على ذلك أذىً للمحسود: لا بالقول، ولا بالفعل، ولا بأي أذىً بوجه من الوجوه، ولا يضره ذلك الذي وقع في نفسه!
١٣ - الحاسد قد يصيب بعينه؛ فيجب على
1 / 19
الحاسد أن لا يضر إخوانه، ولا شك: أن العائن حاسد خاص، وهو أضر من الحاسد، فكل عائنٍ حاسد ولابد، وليس كل حاسد عائن، فإذا استعاذ المسلم من شر الحاسد دخل فيه العائن، وهذا من شمول القرآن وإعجازه وبلاغته.
١٤ - الأسباب التي يُدفع بها شر الحاسد عشرة كما ذكرها ابن القيم ﵀ وهي:
* التعوذ بالله من شره.
* تقوى الله تعالى، والصبر على الحاسد.
* لا يحدث نفسه بأذاه.
* التوكل على الله تعالى.
* يفرغ قلبه من التفكر فيه والاشتغال به.
* الإقبال على الله والإخلاص له.
* تجريد التوبة من الذنوب.
1 / 20
* الصدقة والإحسان.
* إطفاء نار الحاسد بالإحسان إليه والدعاء له، وهذا من أصعب الأشياء على النفوس.
* السبب الأعظم تجريد التوحيد لله تعالى.
الأمر الثاني: قوله ﷺ: «ولا تناجشوا» يدلُّ على تحريم النجش: وهو الزيادة في السلعة وهو
لا يريد شراءها، إما لنفع البائع بزيادة الثمن له، أو بإضرار المشتري بتكثير الثمن عليه، والناجش آكل ربًا خائن.
الأمر الثالث: قوله ﷺ: «ولا تباغضوا» يدلُّ على تحريم التباغض، فنهى النبي ﷺ المسلمين عن التباغض بينهم في غير الله تعالى، بل على أهواء النفوس، فإن المسلمين جعلهم الله إخوة، والأخوة يتحابون بينهم، ولا يتباغضون، أما البغض في الله فهو من أوثق عرى الإيمان وليس داخلًا في النهي.
1 / 21