عليكم منذ الان أن تحسنوا معاملة خلق الله عز وجل وتخففوا الوطء على الرعية وألا تؤذوا الضعفاء وأن ترعوا للعلماء والحكماء حرماتهم وتخالطوا الأخيار وتجالسوهم وتتجنبوا الأشرار وعشراء السوء وألا تسيئوا إلى المتقين والزهاد وأشهد الله وملائكته على نفسي بانني سأنحيي كل من لايسير على هذا النهج ولن أبقيه فقالوا جميعا سمعا وطاعة سننفذ هذا بحذافيره
وبعد أيام عاد الجميع إلى أعمالهم واستمروا في ديدنهم السابق ظلما ونهبا غير ابهين بأنوشروان الذي ما انفكوا يعدونه طفلا وكان كل واحد من أولئك العصاة يظن أنه هو الذي جاء به إلى العرش وأن بقاءه ملكا أو عدمه رهن إرادته ولزم أنوشروان الصمت وسكت عنهم سنوات على مضض
كان لأنوشروان قائد كبير هو والي أذربيجان الذي لم يكن في المملكة كلها أمير أو قائد أقوى منه أو أكثر نعمة ولم يكن لأحد ما كان له من الات وعدد وجند وممتلكات وكان مما يراود نفس ذلك القائد أن يقيم لنفسه مقرا وبستانا في ضواحي المدينة التي كان فيها لقد كانت في تلك البقعة قطعة أرض لإمرأة عجوز لا يتجاوز نتاجها السنوي حصة الملك وزارعها وشيئا ضئيلا يبقى لها هو عبارة عن أربعة أرغفة من خبز الشعير يوميا على مدار السنة كلها فكانت العجوز تشتري بأحدها طعاما وباخر زيتا لسراجها وتحتفظ بالثالث لفطورها والرابع والأخير لعشائها وكان الناس يتصدقون عليها بملابسها وثيابها ولم تكن المسكينة تبرح بيتها وكانت تقضي عمرها في مشقة وفاقة وعوز
ورأى القائد أنه من المناسب أن يضم قطعة الأرض تلك لتصبح في جملة بستانه وقصره فأرسل إلى العجوز شخصا يقول لها بيعيني قطعة أرضك فإنني في حاجة إليها قالت لا أبيعها فإنني أحوج إليها لأنني لا أملك من الدنيا سواها ومنها أعيش والإنسان لا يبيع مصدر رزقه قال ادفع إليك ثمنها أو أعوضك بها قطعة أخرى تعدلها محصولا قالت العجوز إن أرضي هذه حلال ورثته عن والدي وهي قريبة من مصدر المياه وانني على وفاق مع جيراني الذين يحترمونني ويحبونني وليست لأرضك هذه الميزات فكف عن أرضي
غير أن القائد لم يعر اهتماما لكلامها بل استولى على الأرض ظلما وعنوة وسحب عليها سور بستانه وضمها إليه فأسقط في يد المرأة ورضخت لقبول ثمن الأرض أو ابدلها وألقت بنفسها امامة قائلة الثمن أو البديل فلم يصغ إليها أو يكلف نفسه
পৃষ্ঠা ৬৯