صرفه احْتَاجَ إِلَى غَيره بَدَلا مِنْهُ وخلفا عَنهُ وَغَيره مثله أَو قريب مِنْهُ وَإِذا استمرت بِهِ هَذِه الْعَادة أوشك أَن يبْقى بِلَا خَادِم بل يَنْبَغِي لَهُ أَن يُقرر فِي قُلُوب خدمه أَن أحدا مِنْهُم لَا يجد إِلَى مُفَارقَة رَحْله وَالْخُرُوج عَن دَاره وكنفه سَبِيلا فَإِن ذَلِك أتم للمرؤة وأدل عل الْوَفَاء وَالْكَرم
وَبعد فَإِن الْخَادِم لَا يتوالى وَلَا يناصح وَلَا يشفق وَلَا ينظر وَلَا يحْتَاط وَلَا يحامي وَلَا يذب حَتَّى يتَحَقَّق عِنْده وَيصِح لَدَيْهِ أَنه شريك صَاحبه فِي نعْمَته وقسيمه فِي ملكه وجدته حَتَّى يَأْمَن الْعَزْل وَلَا يحذر الصّرْف
وَمَتى ظن الْخَادِم أَن أساس حرمته غير واطدة ووشائج ذمامه غير راسخة وَإِن مَكَانَهُ نَاب بِهِ عِنْد الذَّنب يُوَافقهُ والحزم يُفَارِقهُ كَانَ مقَامه على صَاحبه كعابر سَبِيل فَلَا يَعْنِي بِمَا عناه وَلَا يهتم بِمَا عراه وَلم يكن همته إِلَّا ذخيرة يعدها ليَوْم جفوة صَاحبه وظهره يرجع إِلَيْهَا عِنْد نبوته وأزورار جَانِبه وَليكن عِنْد الصاحب لخدمه دون صرفهم وإخراجهم وَسوى نبذهم وإطراحهم منَازِل من الاستصلاح والتقويم فَمن استقام لَهُ بالتأديب عوجه واعتدل بالثقاف أوده فليشدده يدا ويوسعه عِنْد الزلة عفوا
وَمن رَاجع الذَّنب بعد التَّوْبَة وَنقض الْعَهْد بعد الْإِنَابَة فليذقه طرفا من الْعقُوبَة وليمسه بِبَعْض السطوة وَلَا ييأسن من رشده مَا لم تنْحَل عقدَة حَيَاته ويكاشف بإصراره وَمن عَصَاهُ مَعْصِيّة صلعاء يلتف دونهَا أَو جنى
1 / 110