وتقويته كما في الكاشف وتهذيب التهذيب، قلت: تلك الألفاظ إنما هي صويلح، لا بأس به، صدوق، ليس به بأس، يكتب حديثه، ثقة في حديثه اضطراب، صالح ثقة، فمنها ما يكتب حديثه للاعتبار والاستشهاد لا للاحتجاج، ومنها ما يكتب حديثه وينظر فيه. وطريق النظر أن يقابل حديثه بحديث الضابطين فإن كان أكثره موافقًا فهو ضابط يحتج بحديثه ولا تضره مخالفته النادرة، وإن كانت المخالفة أكثر والموافقة نادرة ففي ضبطه خلل لا يحتج به. وعبد الله بن عمر العمري كثير المخالفة، قال أبو حاتم محمد بن حبان البستي في كتاب المجروحين: كان ممن غلب عليه الصلاح والعبادة حتى غفل عن حفظ الأخبار وجودة الحفظ للآثار فوقع المناكير في روايته، فلما فحش خطؤه استحق الترك اهـ. ومنها ما يدل على أن حديثه بانفراده لائق للاحتجاج وهو لفظ ثقة، وهذا مما كتبه يعقوب بن شيبة وابن معين، ولكن يعلم بعد البحث والنظر أن هذه اللفظة ليست نصًا على كونه قابلًا للاحتجاج عمومًا، فإن لفظة "ثقة" تطلق على معاني: (الأول) العدل المطلق، (والثاني) العدل الضابط، (والثالث) رجل لم يرد في حقه جرح ولا تعديل، وشيخه والذي يروي عنه ثقتان، ولم يأت بحديث منكر، فيحتمل أن يكون المراد في كلامهما بالثقة العدل المطلق، وحديث العدل المطلق لا يصح الاحتجاج به حتى يكون ضابطًا، ومما يعين ذلك الاحتمال أن يعقوب بن شيبة قال مع ذلك: في حديثه اضطراب، ويحيى بن معين قال مع ذلك: ضعيف.
قوله: وفي رواية "حلت له شفاعتي" رواه الدراقطني وكثير من أئمة الحديث.
أقول: هذا اللفظ رواه البزار في مسنده وإسناده هكذا: حدثنا قتيبة حدثنا عبد الله بن إبراهيم حدثنا عبد الرحمن بن زيد عن أبيه عن ابن عمر عن النبي ﷺ قال: "من زار قبري حلت له شفاعتي". وفي هذا السند ضعيفان: (أحدهما) عبد الله بن إبراهيم الغفاري، (والآخر) عبد الرحمن بن زيد بن أسلم.
قال ابن عبد الهادي في الصارم المنكى: واعلم أن هذا الحديث الذي ذكره من رواية البزار حديث ضعيف منكر ساقط الإسناد لا يجوز الاحتجاج بمثله عند أحد من أئمة الحديث وحفاظ الأثر كما سنبين ذلك إن شاء الله تعالى. وقتيبة شيخ البزار
1 / 53