موته ممكنًا أو مشروعًا لكان كمال شفقته ورحمته يقتضي ترغيبهم في ذلك وحضهم عليه، ومبادرة خير القرون إليه، لكن رسول الله ﷺ لم يرغب في ذلك، ولم يبادر خيرُ القرون إليه، فتبين أن الاستغفار بعد موته ﷺ ليس ممكنًا أو مشروعًا، وهذا التقرير مستفاد من الصارم١.
(الثامن) قوله: "والآية الكريمة وإن وردت في قوم معينين في حال الحياة تعم بعموم العلة كل من وجد فيه ذلك الوصف في حال الحياة وبعد الممات".
قلت: الأمر كما أقر به الخصم في هذا المقام من أن الآية وردت في قوم معينين من أهل النفاق، يدل عليه قوله تعالى: ﴿وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْا إِلَى مَا أَنزَلَ اللَّهُ وَإِلَى الرَّسُولِ رَأَيْتَ المُنَافِقِينَ يَصُدُّونَ عَنكَ صُدُودًا﴾ . وورد نظر ذلك في حقهم في سورة المنافقين: ﴿وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْا يَسْتَغْفِرْ لَكُمْ رَسُولُ اللَّهِ لَوَّوْا رُءُوسَهُمْ وَرَأَيْتَهُمْ يَصُدُّونَ وَهُم مُّسْتَكْبِرُونَ﴾ . ولكن عمومها بعموم العلة قد تقدم ما فيه في الوجه الأول، وبعد تسليم ذلك العموم يقال: إن الآية تعم ما وردت فيه وما كان مثله، فهي عامة في كل منافق قيل له تعالى إلى ما أنزل الله وإلى الرسول فصد عن الرسول صدودًا، وتحاكم إلى الطاغوت، ثم جاء الرسول في حياته فاستغفر الله واستغفر له الرسول في حياته وأما المؤمن الذي عصى فجاء قبر الرسول ﷺ فاستغفر الله فليس مثله.
(التاسع) قوله: "ولذلك فهم العلماء منها العموم للجائين واستحبوا لمن أتى قبره ﷺ أن يقرأها مستغفرًا الله تعالى، واستحبوها للزائر ورأوها من آدابه التي ليس٢ له فعلها، وذكرها المصنفون في المناسك من أهل المذاهب الأربعة".
قلت: هذا مما أورده السبكي في الشفاء ورد عليه العلامة ابن عبد الهادي ﵀ ف الصارم، فلنذكر هنا عبارة الصارم بلفظها، قال في الصارم "وقوله: ولذلك فهم العلماء من الآية العموم في الحالتين" فيقال له: من فهم هذا من سلف الأمة وأئمة الإسلام؟ فاذكر لنا عن رجل واحد من الصحابة أو التابعين أو تابعي التابعين أو
_________
١ يعني الصارم المنكى في الرد على السبكي للحافظ ابن عبد الهادي ﵀.
٢ كذا، وصوا به ينبغي بالإثبات لا بالنفي.
1 / 32