يا إلهي! ماذا يحدث لو أن قلبي خانته الشجاعة؟ سترهبه الأبواق التي تزعق من حولي، ستخيفه مواكب الجنود التي تزحم المكان. سيتلفت حوله فيجد نفسه غريبا، مفقودا، عبر به الموكب، وانفضت الجموع، وخرس الضجيج.
جاري يصيح وحنجرته تكاد تنشق: الموكب في الطريق.
وامرأة عجوز تداعب حفيدها وتشير بيدها النحيلة قائلة: عما قليل يمر من أمامنا قيصر.
وطفلة تفتح عينيها وتهتف بصوتها اللطيف: أليست هذه هي العربة يا أبي؟!
لكنني لا أرى على مدى البصر شيئا.
ماذا يحدث لو لم يأت قيصر؟
اليأس لن يتسرب إلى نفسي، سوف أرى القيصر على أية حال، وسوف أهتف بملء صوتي: أنا رجل من شعبك الأمين يا مولاي! وسوف يضحك قيصر حتى يميل ظهره إلى الوراء، أما أنا فإني سأجري وراء الركب لألحق بعربة قيصر، وسوف يبعدني الحراس عن موكبه برفق، ومع ذلك لن أبعد حتى أعرفه بشكواي، وأبسط له حالي. سيقول لي في آخر الأمر: اذهب إلى دار الطعام والكساء، قل لهم لقد بعثني قيصر إليكم.
دار الطعام والكساء قريبة من هذا الشارع.
سأتوجه إليها بعد قليل، بعد أن أكون قد رأيت الموكب وحادثت قيصر.
سأتقدم في غير وجل ولا خوف لأقول للأمين على خزائن الطعام: هذا أنا يا سيدي. لا لن أقول له يا سيدي - ألسنا جميعا سواء! - أتعرف من أين أنا آت إليك؟ سيفتح الأمين فمه من الدهشة، ستتسع عيناه اتساعا كبيرا عندما أقول في صوت لا تخونه الثقة: لقد بعثني قيصر إليك! قال لي اذهب يا أحب رعيتي إلي، اذهب إلى الأمين ليفتح لك خزائني فكل منها ما تشاء، أشبع بطنك التي هدها الجوع، اكس جسدك الذي أكلته الرياح، وهصرته أمطار الشتاء. سوف لا يصدقني الأمين في أول الأمر، وسوف يزمجر غاضبا ويأمر أتباعه؛ أن اطردوا هذا الرجل من دار الطعام. لكنه لن يعرف في سطوة كبريائه أنني قد انتصرت عليه. نعم! لقد بلغته شكواي. وماذا بوسعي أن أفعل أكثر من هذا؟
অজানা পৃষ্ঠা