تمهيد
الفصل الأول
الفصل الثاني
الفصل الثالث
تمهيد
الفصل الأول
الفصل الثاني
الفصل الثالث
الست هدى
الست هدى
تأليف
أحمد شوقي
تمهيد
زمن الرواية:
سنة 1890م.
مكان الرواية:
حي الحنفي، القاهرة.
أشخاص الرواية:
الست هدى.
الست زينب:
صديقتها.
خديجة:
من فتيات الجيران.
أسماء:
من فتيات الجيران.
بهية:
من فتيات الجيران.
إقبال:
من فتيات الجيران.
عبد المنعم المحامي:
زوج الست هدى.
حلمي:
كاتبه.
السيد العجيزي:
من أعيان الريف وزوج آخر للست هدى.
محمد:
من أصدقاء السيد العجيزي.
أحمد:
من أصدقاء السيد العجيزي.
عامر:
من أصدقاء السيد العجيزي.
الشيخ الحلبي:
من أصدقاء السيد العجيزي.
مصطفى النشاشقي:
من أصدقاء السيد العجيزي.
ألماز:
أغا.
رضوان:
خادم.
سلمان:
مراب.
الفصل الأول
(في دار صغيرة مؤلفة من: «مندرة» في الطبقة السفلى، ومن سلم يصعد منه إلى قاعة صغيرة، وثلاث حجرات، والمنزل مطل على مسجد «أبي الليف» بحي «السيدة زينب».) (الست «هدى» وجارتها «زينب» في إحدى الحجرات.)
الست هدى :
كيف يا أخت أنت؟ ...
زينب : ... ... ... نحن برغد
كلنا ما بقيت أنت برغد
الست هدى :
أنت يا «زينب» الوفية بالعهد
زينب :
ولم لا أفي وخيرك عندي؟
نحن من أربعين عاما على
خير جوار بين اثنتين وود
الست هدى :
لا، بل العهد لا يزيد على العش
رين! ... ... ... ...
زينب : ... خلي حسابه، لا تعدي
الست هدى :
اسمعي، اسمعي يا صديقي
لك هذا الدبوس ... ...
زينب : ... ... لي أنا؟ ...
الست هدى : ... ... ... بعدي
أنا أعطيت كل صاحبة شيئا
وأنصفت في الوصية جهدي
ما يقول الجيران «زينب» عني؟
زينب :
اتركيهم، لا تحفلي بالرد
الست هدى :
يقولون في أمري الكثير وشغلهم
حديث زواجي أو حديث طلاقي
يقولون إني قد تزوجت تسعة
وإني واريت التراب رفاقي
وما أنا «عزريل» وليس بمالهم
تزوجت، لكن كان ذاك بمالي
وتلك فداديني الثلاثون كلما
تولى رجال جئنني برجال
فما أكثر عشاقي
وما أكثر خطابي!
ولولا المال ما جاءوا
أذلاء إلى بابي
لست ما عشت ناسيه
لست أسلو حياتيه
أول البخت «مصطفى» «مصطفى» كان ساريه
حين يمشي تظنه
نخلة «المرج» ماشيه
رحمة الله عليه
لم يكن يطلب مالي
تلك «أبعاديتي»
وهي جنون للرجال
لم تكن تخطر في العا
م له يوما ببال
لم يكن يعنيه من ذا
ك سوى قبض الإجاره
جعل الله تعالى
جنة الخلد قراره
مات فكدت أموت حزنا
وكان عمري عشرين عاما
ثم تزوجت بعد خمس
من ذا يرى فعلتي حراما؟!
زينب :
أجل، تعيشين وتدفنينا
حتى تصيبي منهم البنينا
الست هدى :
وزوجي الثاني «علي»
ولم يكن يصلح لي
يا ليتني لم أقبل!
ذاك لمالي اختارني
واخترته لماله
ما كان إلا مفلسا
وقعت في حباله
يرحمه الله، وكان ذا بخر
وكان إن يقعد وإن يقم نخر
وإن مشى تخرج أصوات أخر
يرحمه الله لقد عشنا معا
من السنين الصاخبات أربعا
ثم مضى لربه لا رجعا
رحمة الله عليه
جن بالنسل جنونا
ثم لما مات ما
خلف لي إلا ديونا
ومات لم تبكه عيوني
وكان عمري عشرين عاما
ثم تزوجت سواه
من ذا يرى فعلتي حراما؟!
زينب :
أجل، تعيشين وتدفنينا
حتى تصيبي منهم البنينا
الست هدى :
ولست أنسى زوجي الرابعا
لا نافعا كان ولا شافعا
قالوا أديب لم يروا مثله
ولقبوه الكاتب البارعا
قد زينوه لي، فاخترته
ما اخترت إلا عاطلا ضائعا
رائح أكثر الزما
ن على الصحف مغتدي
يكتب اليوم في «اللوا»
وغدا في «المؤيد»
ليله أو نهاره
فارغ الجيب واليد
ويعجبني عند المباهاة قوله
بنيت فلانا أو هدمت فلانا
وقد يصبح المبني أوضع منزلا
وقد يصبح المهدوم أرفع شانا
رحمة الله عليه
كان لا يحقر مالا
كان إن أفلس لا
يسألني إلا ريالا
ثم تزوجت بيوزباشي «قمر»
نهى كما شاء هواه وأمر
لقد وددت أنه زوج العمر
لا عفا الله عنه، لا غفر الله
له، لا ارتقى لرتبة «صاغ»
لا عفا الله عنه، قد كان لصا
لم يردني لكن أراد «مصاغي»
وطالما زين لي أنني
أبيع أو أرهن أطياني
من أجل «يوزباشي»؟ لقد ضل، لا
لا أشتري جيشا بفدان
لحاه الله كان منى فؤادي
وفاكهتي وريحاني وراحي
وكنت أحبه ويحب طيني
ويحلم بالقلادة والوشاح
وكان مقامرا شريب خمر
يجيء البيت في ضوء الصباح
يكاد إذا تورط في قمار
يقامر بالنجوم وبالسلاح
عشنا ثلاثا ثم افترقنا
وكان عمري عشرين عاما
طلقني فالتمست زوجا
من ذا يرى فعلتي حراما؟!
زينب :
أجل، تعيشين وتدفنينا
حتى تصيبي منهم البنينا
الست هدى :
وعشت عامين دون زوج
ثم تزوجت بالموظف
لم أنسه منذ مات يوما
ما كان أبهى! ما كان أظرف!
كان خفيفا وكان حلوا
ومن نسيم الربيع ألطف!
ما كنت أدري إذ تولى
أجيبه أم قفاه أنظف!
يرحمه الله مات ما وجدوا
في جيبه غير قطعتي ذهب!
وسبحة من خزانتي سرقت
كانت على الرف من وفاة أبي
وسعت في دفنه ومأتمه
ولم أضيق عليه في رجب
رحمة الله عليه
كان «جخاخا» كبيرا
كل يوم يدع البي
ت رئيسا أو وزيرا
ثم لا يرجع لي إلا
كما كان صغيرا
رحمة الله عليه
كان مشغولا بطيني
كل يوم بزبون
أو بسمسار يجيني
وفداديني عندي
هي في الحفظ كديني
ما كان في وجنتي يقبلني
بل همه في يدي يقبلها
وعينه في خواتيمي أبدا
يحدث النفس كيف ينشلها!
ثم اقترنت بفقيه
عالم في البلد
لا في الشيوخ القدما
ولا الشيوخ الجدد
كهل أخو خمسين ل
كن في نشاط الأمرد
زينب :
عرفته، ذاك الفقي
ه «الشيخ عبد الصمد»
قد كان في «الخط» وجي
ها ومقبل اليد
وكل من مر به
خاطبه بسيدي!
الست هدى :
يرحمه الله لقد أدبني
حتى عرفت كيف تخضع النسا!
زينب :
أنت؟ ... ... ...
الست هدى : ... أجل! أدبني
بيده ورجله وبالعصا
زينب :
كيف؟ متى؟
الست هدى :
رأى غبارا عالقا بجبهتي
ولم أكن أعلم من أين أتى؟
فقال: هذا الترب من نافذة
من كنت منها تنظرين يا ترى؟
وهاج حتى خفت أن يقتلني
وشمر الذيل وجرد العصا
وجاء بالنجار من ساعته
سد الشبابيك وسمر الكوى
فقلت: يهواني وتلك غيرة
يا حبذا الزوج الغيور حبذا!
وقبله لم أر من غار ولا
من ظن في قلبي لغيره هوى
يرحمه الله لقد مات على
سحري ونحري بعدما صلى الضحى
مات ولم يرقد له جنب ولا
بدت عليه علة ولا اشتكى
رحمة الله عليه لم يكن
فمه يذكر «أبعاديتي»
وإذا ما جاءني أو جئته
لم يقلب عينه في «صيغتي»
لكنه منذ كنا
ما حل عقدة كيسه
يفضل الأكل من غي
ر ماله وفلوسه
كأن الأزهر المعمور بيتي
هناك «جراية» وهنا «جرايه»!
خلف الشيخ من الأو
لاد ما يملأ حاره!
قسمت ثروته في
هم فنال الطفل باره!
عشت مع الشيخ نصف عا
م وكان عمري عشرين عاما
ومات فاختارني سواه
من ذا يرى فعلتي حراما؟!
زينب :
أجل تعيشين وتدفنينا
حتى تصيبي منهم البنينا
الست هدى :
أتذكرين بعده
من جاء بيتي يخطب؟!
زينب :
من ذاك من؟ ... ...
الست هدى : ... ... أنت التي
جئت به يا زينب!
زينب : «مهدي» المقاول الثري
الممتلي من الذهب
الست هدى :
قد ذهب الله به
أجل، إلى النار ذهب
لم ينس أن يذكر «أبعاديتي»
ما للغبي، ولطيني ما له؟!
ولم يكن عند الطعام يستحي
يأكل مالي ويعد ماله!
يرحمه الله وإن
لم أر لون قرشه
عشت اثنتين معه
لم أنتفع بفرشه
لو لم يمت لمت من
جخته وفشه
كأنما تسربت
عمارة في كرشه
يدب كالحلوف في
خروجه من قشه
وما استرحت ليلة
من طحنه ودشه
ومن تلال جيره
ومن جبال «دبشه»
ظللت عامين في بلاء
وكان عمري عشرين عاما
ومات «مهدي» فاعتضت عنه
من ذا يرى فعلتي حراما؟!
زينب :
أجل تعيشين وتدفنينا
حتى تصيبي منهم البنينا
الست هدى :
ثم اقترنت بمحام عاطل
شريب خمر يحتسيها في الضحى
قلت دعاويه وقل ماله
وأصبح المكتب منه قد خلا!
عبد المنعم المحامي (زوج الست هدى، وهو سكران، يصعد السلم) :
هدى، ضلال، أين أنت يا هدى؟
أين العجوز؟ أين جدتي هدى؟
الست هدى :
وا نكدا «زينب» وا داهيتا
لقد أتى لا أدري من أين أتى!
يشتم في السلم ... ...
زينب : ... ... ... خليه دعي
لا تفرضيه غير سكران هذى!
الست هدى :
رأيته، ... ... ... ... ... وكيف؟ ... ... ...
زينب : ... ... من تحت وقد
كان من السقف أطل وانحنى
وكانت الحارة منا امتلأت
فأرسل القيء علينا ورمى!
الست هدى :
القيء؟ ماذا قلت؟ ... ...
زينب : ... ... قلت ما رأت
عيني وما مر على رأسي وما
عبد المنعم (وهو بالسلم) :
هدى، عجوز النحس، أنت قردة
خطوطك الوحل وكحلك العمى
الست هدى :
سمعت يا زينب؟ ...
زينب : ... ... خليه، دعي
لا تفرضيه غير سكران هذى
ومرة جاء «أبا الليف» ضحى
أذن في الناس يصلون العشا
فضيحة في الخط ...
الست هدى : ... ... وا فضيحتا!
زينب :
ما شهدوا في «الحنفي» مثلها
عبد المنعم (وهو بالسلم) :
هدى تعالي يا عتيقة اظهري
عندي لك النعل وهذه العصا
الست هدى :
سمعت يا زينب؟ ...
زينب : ... ... خليه، دعي
لا تفرضيه غير سكران هذى
الست هدى :
دعيه يهذي ما يشا
غدا ترين زينب
ففي غد لي وله
شأن، غدا يؤدب
زينب :
ما الذي عزمت يا
حبيبتي أن تصنعي؟
الست هدى :
أقذف في القسم به
وأشتكي وأدعي
إن رجال القسم، والنا
ئب والقاضي معي! (لزوجها)
لتندمن يا لكع
يا من يقوم ويقع
عبد المنعم (وهو بالسلم) :
ماذا سمعت؟ صوتها؟
أأنت بومتي هنا؟
الآن جميزة «الخط»
أريك من أنا؟
زينب :
هدى، حبيبتي اسمعي
تعالي اهربي معي!
الست هدى :
أنا؟ ... ... ...
زينب : ... اسمعي، دعيه، ...
الست هدى : ... ... ... ... لا
زينب :
دعيه يا هدى، دعي
لا تغضبيه إنه
ممتلئ، ليس يعي!
عبد المنعم (وهو بالسلم) :
هدى! هدى! أين هدى؟
أين العجوز الباليه؟
أين مضيت بومتي؟
أين ذهبت خفتي؟
خداك ضفدعتان قد أسنتا
وأذناك عقربان من قنا
وحاجباك والخطوط فيهما
كدودتين اكتظتا من الدما
وبين عينيك نفار وجفا
عين هناك خاصمت عينا هنا!
الست هدى :
دعيني أقطع عليه الحذاء
وأجز الوقاح على ذنبه
دعيني أضربه حتى يفيق
فلا بد زينب من ضربه!
زينب :
قد جاء، هيا نتقي
جنونه وهوسه
ففي يمينه العصا
وفي الشمال المكنسه
الست هدى :
سكران يضرب
إذن لنهرب
هلم زينب
هذه حجرة نومي
أسرعي زينب فيها
نحن يا زينب لا نك
بح سكران سفيها (تدخلان الحجرة وتستتران وراء الباب.)
عبد المنعم (وهو داخل يترنح) :
هدى ذات الفدادين
هدى ... ... ...
الست هدى : ... فكر في طيني
عبد المنعم :
من لي بالزبرجد؟
من لي بالزمرد؟
يا ليت ذاك في يدي!
الست هدى :
سمعت؟ عبد المنعم
قد هام في خواتمي (يجتاز «عبد المنعم» القاعة إلى حجرة نومه.)
الست هدى :
زينب انظري
ما الذي صنع
زينب :
جاء حجرة
ثم فاضطجع
فلندعه في النو
م فلندع
الآن أستودعك الله هدى
محفوظة
الست هدى : ... لا تهمليني زينب! (تخرج زينب.) (تسمع ضجة بالسلم ...)
الست هدى :
ما الصوت؟ ما أسمع؟ من يا ترى؟
ما هذه الضجة في السلم؟
هذا خطوطي وكحلي
وتلك صبغة شعري
لم أنس حمرة خدي
لم أنس زينة صدري
وهذا الثوب ما أبهى!
وهذا الخف ما أحسن!
ومنديلي على رأسي
ما أحلى! وما أزين!
وهذه خواتمي
بها يدي مرصعه
وهذه قلائدي
في لبتي ملمعه
اقترب الصوت وتلك أرجل
تدب عند الباب، من؟
أصوات :
هل ندخل؟
الست هدى :
ادخلن! أهلا وسه
لا ومرحبا بالحبائب (تدخل أربع فتيات من بنات الجيران: «خديجة» و«أسماء» و«بهية» و«إقبال».)
خديجة :
صباح الخير يا عمه
الست هدى :
صبحتن بالخير «خديجة» ابنتي هنا؟
هذا هو التفضل!
خديجة :
إن أنا بالعمة لم
أسل، فعمن أسأل؟
الست هدى :
أنت ابنتي ستأخذي
ن خاتمي الزمردا!
خديجة :
اليوم يا عمة؟ ...
الست هدى : ... ... ... لا!
خديجة :
متى إذن متى؟! ...
الست هدى : ... ... ... ... غدا!
من بعد موتي ...
خديجة : ... ... لا تمو
تي أنا عمتي الفدا!
الست هدى (لأسماء) :
وأنت يا أسماء إذا مت غدا
أخذت هذا الخاتم الزبرجدا
أسماء :
لا كان يا عمة عشت الأبدا!
إقبال :
أسماء يا عمة مخطوبة ...
الست هدى : ... ... ... لمن؟
إقبال :
لشيخ عمدة في الصعيد!
الست هدى :
حذار يا أسماء أن تفعلي!
أسماء :
أنا؟ أبي يختار لي من يريد!
الست هدى :
قولي له: العمدة جربته
أسماء :
أقول؟ من يسمع أو من يعي؟
إن أبي صعب ولا أجتري
الست هدى :
إذن دعيني أنا أفعل، دعي! (لبهية)
وأنت يا ابنتي؟
بهية :
خطبت من زمن
الست هدى :
من زمن؟ تبا
رك الله، لمن؟
بهية :
لضابط في الجيش!
الست هدى :
ضابط؟ ... ... ...
بهية : ... ... ... ... أجل !
الست هدى :
أحسنت، أحسنت
تخيرت الرجل!
بهية :
ما اخترت يا عمتي ولكن
أبي وأمي تخيرا لي!
بنات مصر يخطبن لكن
لا يتناقشن في الرجال!
نباع يا عمتي ونشرى
ما نحن إلا عروض مال!
الست هدى (لأسماء) :
وكيف أختك «بنبا»؟
أسماء :
تقبل اليد ... ...
الست هدى (لأسماء) : ... ... ... عشت
أسماء :
مخطوبة هي أيضا!
الست هدى :
ماذا تقولين بنتي؟
من الكبيرة؟ «بنبا»
أم الكبيرة أنت؟
عمرك بالتخمين
أسماء :
لست خالتي مخمنه
في رجب الذي مضى
أتممت عشرين سنه
الست هدى :
عشرون أنت يا ابنتي
إذن فما عمري أنا؟
أسماء :
ستون يا خاله؟
الست هدى : ... ... ... ... صه
لم أر منك أرعنا
أسماء :
خمسون يا سيدتي؟
الست هدى :
كذبت كذبا بينا
أسماء :
إذن ففي العشرين يا
خالة أنت وأنا!
الست هدى :
هذا الحديث عبث
خذي بنا في غيره!
كل امرئ داخلها!
برزقه وعمره
خديجة :
اسكتي أسماء خلى الس
ن ما هذا الفضول؟
هي يا خالة حمقى
ليس تدري ما تقول!
أنت يا خالة في وج
هك قد خط القبول!
لا مشيب لا اصفرار
لا غضون لا ذبول!
الست هدى :
سمعت أسماء؟ علميها
ما القول؟ ... ...
خديجة : ... ... بل أنت علمينا!
الست هدى :
صن جمال الوجوه صونا
فالسن بالوجه لا السنينا! (يسمع صوت خارج الحجرة.)
ما ذاك عند الباب؟
صوت رجل؟
القادم :
سيدتي ... ... ...
الست هدى : ... ... ... ادخل «ألماز» ادخل! «ألماز» أغا! ... ...
الأغا : ... ... ... سيدتي!
الست هدى :
يا مرحبا يا مرحبا!
الأغا :
أرسلتني حرم الباشا
الست هدى :
أعد ... ... ...
الأغا :
أرسلتني حرم الباشا إليك
الست هدى :
هذا أغا الباشا اقترب
ماذا وراء القادم؟
الأغا :
أحمل يا سيدتي
تحية الهوانم!
الست هدى :
بالله «ألماز» إلا
جلست بالقرب مني
تحب بني فجرب
بن السراي وبني (تناوله قهوة.)
ما للهوانم «ألما
ز» ليس يسألن عنى؟
الأغا :
نسيت يا سيدتي
أمس، أما كن هنا؟
الست هدى :
ومن أنا حتى تزو
رني الشموس من أنا؟!
الأغا :
واليوم يا سيدتي
أرسلنني بالمركبه
الست هدى :
جئت إذن في طلبي؟
الأغا :
أجل، وتحت العربه
الست هدى :
أيتهن يا أغا؟
الأغا : «فيكتوريا » المقفله !
ذات الرفارف الخفا
ف والستور المسدله!
ركوبة الهانم في ال
أعياد والمواسم؟
إلى السرايات من ال
إنشا إلى الهياتم!
الست هدى (للفتيات) :
الجوانتي هناك «أسماء» انظريه
انظري يا «خديجة» الفرجيه (وهي تلبس):
انظري «إقبال» ما
أجمل هذي الفرجيا!
انظري شالي «أسما»
كيف حلى كتفيا!
ثم انظرا هناك يا
بنتي فوق الكنبه
مروحة من النعام
بيد مذهبه
وخليا هناك لي مروحة
عاجا وأخرى كلها من الصدف
خديجة (همسا) :
أسماء! ... ... ...
أسماء : ... ... ... أختي! ...
خديجة : ... ... ... ... أبيت
أم معمل من مراوح؟!
أسماء :
ما تصنعين خالتي
بهذه المراوح؟!
الست هدى :
أنا - ابنتي - مولعة
بها وبالروائح!
ذكرتني «أسماء» لا تنسي ال
ورد على الرف ولا الياسمين
أسماء :
خالة ماذا؟ ... ...
الست هدى : ... كل شيء عندي
أسماء :
أأنت سمعان أم الماوردي؟
الست هدى : «أسما» تعالي انظري
كيف ترين رجليا؟
هذا الحذاء هل ترى
يليق للفكتوريا؟!
أسماء :
خالة لا تبدلي
هذا الحذاء «مملكه»!
الست هدى :
الله يا بنيتي
يطرح فيك البركه! (للأغا) «ألماز» هيا ننطلق
طال وقوف العربه
لا أحد في الخط إلا
استوقفته العربه
فحارة قائمة
وحارة منقلبه
الأغا :
سيدتي لا تخافي
مركبتي لا تحز
الست هدى : «ألماز» أنت ظريف
ومركباتك عز (للفتيات):
قد آن أن أجيب دعوة الأغا
هيا ابنتي هيا ألبساني (الفتيات يشتغلن بلباسها.)
الست هدى (لخديجة وأسماء) :
أنت ابنتي وهذه فتاتي
بنات جاراتي وصاحباتي
إذا حرمت النسل هن بناتي
وكل ما فوق صدري
وفي يدي من «مصاغ»
وكل شيء ببيتي
لكن بعد دماغي (ستار)
الفصل الثاني
(في قاعة الدار.) (عبد المنعم يتناول طعام الفطور ... الست هدى.) (عبد المنعم ينادي حلمي الكاتب وهو تحت.)
عبد المنعم :
حلمي، تعال ... ...
حلمي : ... ... ... سيدي!
عبد المنعم :
تعال يا ابني اصعد (يحضر حلمي.)
تعال قرب «شلتة»
تعال ها هنا اقعد
صبحت بالخير أهلا
حلمي :
يا صبحتك السعادة؟
هذا الفطور سيدي
بصحة وعافيه!
عبد المنعم :
تعال جرب هذه الصناعة
حلمي :
لقد أكلت الفول منذ ساعة
عبد المنعم :
تلك بضاعة وذي بضاعه (وهو يأكل.)
حلمي :
الفول يا سيدي لذيذ
عبد المنعم :
الفول من حارة النصارى
والعيش من مخبز الرمالي
الست هدى :
والزيت من معمل «البداري»
عبد المنعم :
البداري! ما تلك؟ لا تلك سوق
قد سمعنا بها، ولا تلك حاره!
حلمي :
وليمونك يا هانم؟
الست هدى :
كالشهد وكالسكر
حلمي :
ومن أين به جيء؟
عبد المنعم :
من الجنة والكوثر!
الفول يا حلمي لذيذ فكل
وخل ما تسمع من دشها
فما على الدنيا سوى أكلها
ولا على الأرض سوى فرشها
كل، كل ولا تصغ لها
فإنها ممخرقة
وكل شيء لم يكن
قادرة أن تخلقه
الست هدى :
لا أيها الفاضل، لا
ما أنا بالمحاميه!
أثير من شقشقة
زوبعة في آنيه!
حلمي :
وما ذاك يا سيدي في يديك؟
عبد المنعم :
ألذ من اللبن المزبد
زبيب! ... ... ...
حلمي : ... ... على الريق؟!
عبد المنعم : ... لا يا غبي!
على الفول! ...
حلمي : ... أفظع يا سيدي!
الست هدى :
نحن يا حلمي هلكنا
أصبح المنزل حانة
صار لا يكفي المحامي
كل يوم «جمدانه»!
زينب (لدى الباب) :
العوافي! ... ... ...
عبد المنعم : ... صوت لدى الباب
الست هدى :
هذي زينب جارتي، تعالي تعالي (لزوجها)
خبئ الخمر أخف ما أنت فيه
عبد المنعم :
دعنني دعن، ما لكن ومالي؟
الست هدى :
ادخلي جارتي ادخلي، هيا خشي (لزوجها)
خبئ الخمر! ...
عبد المنعم : ... ... ... اتركيني وحالي
الست هدى :
ادخلي زينب ادخلي لا تهابي
زينب :
من هنا؟ قد سمعت صوت رجال!
الست هدى :
الأفندي وسكرتير الأفندي
ادخلي، لا غريب زينب عندي
زينب :
الأفندي وتقولين ادخلي؟
الست هدى :
ادخلي ليس سواه ها هنا!
ما الذي تخشين يا أخت ادخلي
زينب :
لا، دعيني! أنا لم أنس العصا (زينب تنصرف مذعورة ويظهر «ألماز أغا» لدى الباب.)
ألماز أغا :
صباح الخير يا هانم
الست هدى :
من؟ صبحت بالخير (لزوجها)
هذا أغا الباشا أتى
وفيم جاء يا ترى؟
ارم الزبيب من يديك
فهو من أهل التقى
عبد المنعم :
لينصرف لشأنه
فما له وما لنا؟
الست هدى :
ارم الزبيب قلت ...
عبد المنعم : ... ... ... لا
الست هدى :
يستهزئ الناس بنا
قم امض حلمي بالزبي
ب، بل به أمضي أنا (تخبئ الزبيب، فيدخل الأغا.)
الأغا :
سيدتي ، عندك ناس؟
الست هدى :
ما سوى زوجي هنا
الأغا (للزوج) :
عافية يا سيدي
هذا فطور أم غدا؟
عبد المنعم :
ادن تفضل، كل معي
فول لذيذ يا أغا
الأغا :
بصحة يا سيدي
أكلت من وقت مضى
عبد المنعم :
لا لا، بل ادخل يا أغا
ادخل مكانا غير ذا
هذا المكان قذر
خذيه ثم يا هدى
الأغا :
يا حبذا المجلس لولا شغل
داع لقضيت النهار ها هنا
حلمي :
وما الذي يشغلك الآن؟ ...
عبد المنعم : ... ... ... ... وما
يعنيك يا أحمق من شأن الأغا؟
الأغوات تنقضي أعمارهم
بين السرايات هناك وهنا (همسا)
اتركه يمضي يا غبي
فلا أريده هنا
حلمي (للأغا) :
أنت ظريف يا أخي
الأغا :
أنت الظريف لا أنا (للمحامي)
ما اسم أخينا؟
عبد المنعم :
ذاك «حلمي» كاتبي
الأغا :
السكرتير؟
مرحبا يا مرحبا
والآن في حراسة الله
حلمي (للأغا) :
انتظر يا سيدي!
عبد المنعم (همسا) :
دعه! ... ...
حلمي : ... ... انتظر
نخرج معا
عبد المنعم :
وأين يا حلمي؟
حلمي :
أشيع الأغا
الأغا :
لا سيدي بالله
حلمي : ... ... ... لا
الأغا :
بل ابق! ... ...
حلمي : ... ... ... لا!
الأغا :
لي كلمة يا سيدي أقولها
للهانم ... ... ... ... ...
عبد المنعم (مبتسما) : ... اذهبي مع الأغا هدى
الأغا :
يا سيدي الهانم أختي، لا تخف
حلمي :
انظر إليه ما أخفه دما!
عبد المنعم :
امضي هدى هلمي شيعي الأغا
الأخت يا هدى تشيع الأخا (السيدة والأغا يخرجان.)
الحمد لله على
نعمته زال العنا
أشربها، فلا هدى
ولا الطواشي هنا
لي ساعة ما ذاقها
أنفي ولا ذاق فمي (ويخرج الكأس من مخبئها بين قدميه.)
حتى لكدت من ظمي
أشربها بقدمي
حرمت منها ساعة
وأنت كنت السببا
سبحان من لم يعطك ال
فهم وأعطاك الغبا
الآن تأتي هدى فكن فطنا
حلمي وكن ثعلبا وكن حذرا
إن هدى ذئبة ...
حلمي : ... ... ... ... علي أحل
سوف ترى ما أكون، سوف ترى
ما ذاك أول نصب
جربت فيه صبيك
عبد المنعم :
احفظ لسانك حلمي
فمال زوجي مالي
حلمي صه ها هي ذي عائدة
حلمي :
من يفتح الحديث؟ أنت أم أنا؟
عبد المنعم :
بل أنت ثم خل لي تمامه
حلمي :
ولم لا نقتحم النار معا؟ (تدخل هدى.)
عبد المنعم :
هدى ... ... ... ...
الست هدى :
لقد كنت غليظا جافيا
ولم تعظم الأغا
عبد المنعم :
قد كنت مشغولا بلقمتي هدى
الست هدى :
تعاقر الخمر ضحى!
ولو رآك لجرت فضيحة
عبد المنعم :
لكن مضى وما رأى
حلمي :
رأيت سيدي وكيف ساسه
وكيف دارى واتقى؟
لأجل عينيك رمى الزبيب
من يديه ... ...
الست هدى : ... ... الرجس رمى
عبد المنعم :
الآن أصغي يا هدى مس
ألة آن بها أن يعتنى
الست هدى :
وبم تريد أعتني؟ ...
عبد المنعم : ... ... ... بمكتبي
الست هدى :
وما الذي له جرى؟
عبد المنعم :
يكاد مكتبي يكون مقفلا
الست هدى :
ما ضرني أن يقفلا؟
حلمي :
سيدتي المكتب «أبعادية»
هل تتركانه سدى؟
غلته ألفان كل سنة
الست هدى :
وكيف ذاك؟ ومتى؟
حلمي :
بل زاد عن ذلك يا سيدتي
بالأمس، من عام مضى
الست هدى :
وما الذي تريد أن أصنعه؟
حلمي :
مدي لزوجك اليدا
الست هدى :
وكيف يا حلمي؟
حلمي : ... ... ... نبي
ع الطين أو نرهنه إلى مدى
الست هدى :
طيني أنا أبيعه، أرهنه؟
ماذا تقول يا فتى؟
حلمي :
لقد عرضت صفقة رابحة
إن أنقذ المكتب أنقذنا الغنى
الست هدى :
حلمي تعقل! ... ...
حلمي : ... ... ... دعيني «المتر»
1
أغرق دينا
كنا نقيم الدعاوى
صارت تقام علينا
في كل يوم يطلبو
ن «المتر» بالمقدم
ويلي عليك سيدي
ويلي على معلمي!
غدا ترين سيدي
في قفص المتهم
الست هدى (لنفسها) :
أتسمعين يا هدى؟
ابكي هدى، اندبي، الطمي!
غدا يقولون: هدى
تزوجت بمجرم
حلمي :
المحامي عليه للناس دين
تصلح الحال حين نخلص منه
دينه أنت تقدرين عليه
مائتا ليرة
2
فأديه عنه!
الست هدى :
أؤدي الدين يا حلمي؟
ومن أين؟
حلمي : ... ... من الطين
الست هدى :
وماذا بعد يبقى لي
إذا بعت فداديني؟ (لنفسها)
لولا فداديني وغلاتها
ما طاف إنسان على بابي
بها تزوجت وفي قطنها
كفنت أزواجي وخطابي (لحلمي)
أنا أؤدي الدين عنه، أنا
ما تستحي يا شاب ما تخجل؟
حلمي :
ألست يا سيدتي زوجه
والزوج عن صاحبها تحمل
الست هدى :
أحمل عن مستهتر يومه
وليله سكران لا يعقل؟ (تنادي)
رضوان! ... ... ... (يدخل رضوان)
رضوان : ... من؟ «ستي»؟
الست هدى (همسا) :
رضوان! ... ...
رضوان : ... ... ... مولاتي!
الست هدى :
اذهب على الفور
ادع صديقاتي (يخرج رضوان.) (عبد المنعم يتمشى مغضبا.)
عبد المنعم (لحلمي) :
قد قلت يا حلمي الصواب
اسمعي هذا هو الصدق هدى
مكتبي الثروة مكتب ال
غنى لا مكتب إلا أنا
الست هدى :
أنت؟ لأنت حانة تنقلت
وأنت برميل مشى
وأنت شيء في الرجا
ل ضائع وعالة على النسا
حلمي :
سيدتي لا تشتمي
سيدتي لا تغضبي
طينك قد ترجعه
قضية في المكتب
عبد المنعم :
إني لم أخطبك يا
هدى لفرط حسنك
ولا تزوجتك يا
صغيرتي لسنك
ولا وقعت في البلا
ء لسواد عينك
الست هدى :
إذن لطيني بي تزوجت؟
عبد المنعم :
أجل لطينك! ...
الست هدى :
وأنا يا محامي الشوم ما اختر
تك للقبح والمحيا الدميم
عبد المنعم :
هذر بين وقول هراء
لم إذن قد قبلتني لك بعلا؟
الست هدى :
ذكر الخاطبون فضلك عندي
فإذا أنت لست للفضل أهلا
عبد المنعم :
إذن دعي الزبرجدا
لي ودعي الزمردا
وكل ما حليت من
ه الكف والمقلدا
الست هدى :
ولم؟ قل لي: أمال أبيك هذا؟
أأمك خلفت هذي الحليا؟
عبد المنعم :
ألست الزوج؟ ...
الست هدى : ... ... لا ما أنت زوج
عبد المنعم :
فما أنا؟ ... ...
الست هدى : ... بل طفيلي عليا
عبد المنعم :
هاتي مصوغك! ...
الست هدى : ... ... ... لا
عبد المنعم : ... ... ... ... إذن
لا بد لي من فلق رأسك!
الست هدى :
تضربني؟ أهكذا
يكون شكر الحسنة؟ (وتتناول عصا.)
تضربني أنا التي
تأكل زادي من سنه
عبد المنعم :
حلمي! تقدم نحوها
خذ العصا من كفها
حلمي! اختطف منها العصا
حلمي :
ما حاجتي بخطفها؟
أما تراها كاللبا
ة في مثار عنفها؟
عبد المنعم :
طر يا جبان، وانتزع
من الخبيثة العصا
حلمي :
بل الجبان من يجر
د العصا على النسا
تريد أن تأخذ بالقوة منها مالها؟
فما لها لا تستميت في الدفاع، ما لها؟
الست هدى :
يا ويلتا وا خجلي وعاري!
لي رجل بأذني حمار!
أضحوكة الجارة شغل الجار
لم ير إلا طافحا في الدار
ثيابه كفوطة الخمار
تنضح بالليل وبالنهار
عبد المنعم :
أتسمع حلمي كلام العجوز؟
وما تقذف الرمة الباليه؟
أخذت عصاي لتأديبها
فجر عصاك وقف ناحيه
حلمي :
رأيت رجالا يضربون نساءهم
فشلت يميني يوم تضرب زينب
3 (تدخل زينب ثائرة وراءها نساء من الحارة.)
زينب :
من قال تضرب زينب؟
من قالها؟ أنا أضرب؟
من قال ذلك يا هدى؟
لأريه كيف يؤدب؟
الست هدى :
ما قالها كاتب المحامي
وإنما قالها المحامي
زينب :
إذن هو السكير يا أخت؟ ...
الست هدى : ... ... ... أجل
زينب :
ما تستحي تقول ذاك يا رجل؟
منذ متى فارق وجهك الخجل؟
الست هدى :
دافعي زينب عني
شاركيني ما أقاسي
منذ حين أوعد السك
ير أن يفلق راسي
إن أنا لم أعطه در
ي وياقوتي وماسي
زينب :
إذن دعيني هدى دعيني
أنزل على زوجك انتقامي
عبد المنعم :
حلمي تأمل هذه عصابة
من خدم البيت ومن بعض النسا
قد نظرت في البيت حتى جمعت
سلاحها من ها هنا وها هنا
زحافة مكنسة مغرفة
ونحن ما في يدنا غير العصا
حلمي تأهب استعد دافع
حلمي :
قف أنت، عن رأسك حام، رافع!
أسامع أنت أم غير سامع؟
انظر إلى الزحافة
تدور في لطافة
كعنق الزرافة
عبد المنعم :
وتلك؟ ... ... ...
حلمي : ... تلك المغرفة
كالعقرب المؤلفة
النساء (يضربن المحامي ويقلن) :
اضربنه حتى يقع
اضربنه، خذ يا لكع
كيف ترى؟ أين الوجع؟
عبد المنعم :
أجرني حلمي تعال احمني
حلمي :
أنا؟ خلني، خلني أهرب
علي من اليوم لا تعتمد
فإني استقلت من المكتب
عبد المنعم (لحلمي وهو منصرف) :
قف يا جبان
تعال، قلت ...
حلمي :
لا تنتظرني
إني استقلت
أنت تعرضت لذا
ابق! خذ الزبرجدا
وأنت كنت المعتدي
أقم، خذ الزمردا
إني مستعف
عبد المنعم :
والأجر؟ تنساه؟
حلمي :
الأجر قد ضاع
يعوض الله!
الست هدى :
زينب تلك صخرة
بغير حس فاضربي (تضربه)
أسما خديجة اضربا
رضوان أدب أدب
هذا هو الفول فكل
هذا الزبيب فاشرب
خذ من يدي الزبرجدا
خذ من يدي الزمردا
وخذ إن اسطعت اليدا
عبد المنعم :
حسبي هدى، كفى كفاني ضربا
قد كان هذا اليوم لي مخبا
سلمت رايتي فكفي الحربا
الست هدى :
إن أنا أخلصتك ماذا تصنع؟
عبد المنعم :
أذهب ... ... ...
الست هدى : ... ثم؟ ... ... ...
عبد المنعم : ... ... أبدا لا أرجع!
الست هدى :
اخرج إذن ول القفا يا لكع
قف يا محامي لي استمع
واسمعن يا من ها هنا
النذل قد رد الطلا
ق لمشيئتي أنا (تخرج عقد زواجها.)
عصمتي منك في يدي
شهدت لي الوثائق
امض يا نذل لا تعد
إنك اليوم طالق (ستار)
الفصل الثالث
(بحجرة بالطبقة العليا من دار المرحومة «الست هدى»، «السيد العجيزي» من أعيان الريف وزوج المرحومة «الست هدى».)
العجيزي (لنفسه) :
المال صار يا عجوز مالي
وأصبح البيت وما حوى لي
من بعد عشرة من الرجال
نعم رجال كثير
ماتوا بحسرة مالك
كنت الموفق وحدي
لما ظفرت بذلك
الطين في «بنها» كما قيل لي
من أجود الأطيان في الناحيه
وفي الضواحي يا عجيزي ابتهج
ما قيمة الفدان في الضاحيه؟
والبيت ملك قيم
وإن مشى فيه القدم
مهندم منور
من رأسه إلى القدم
بأيسر البياض والت
رميم يحيا من عدم
ما قيمة البيت يا عجيزي
وما يساوي إن بيع يوما؟
قد قيل لي هي ألف
وقيل ألف ونصف
والفرش شيء حسن
الفرش لا بأس به
لا بد من تنجيده
لا بد لي من قلبه
الكنبات خشب
زان وسنديان
قيمة يبدو على
صانعها الإتقان
وهذه سجادة
نادرة ذات ثمن
وهذه أخرى علي
ها قد تقادم الزمن
وصيغة العجوز والحلي
أين ترى موضعها الخفي؟
أسأل «رضوان» فما لي
غيره من مرشد (ينادي)
رضوان ... ... ...
رضوان : ... من ذاك ينا
ديني؟ أأنت سيدي؟
العجيزي :
رضوان أنت صادق
تعال «رضوان» اصعد؟ (يحضر)
رضوان قل يا ولدي
أين مكان الصيغة؟
في أي موضع ترى
جواهر الميتة؟
رضوان : «مصاغها» يا سيدي ليس هنا
العجيزي :
أين إذن؟ ... ...
رضوان :
في منزل الباشا «صفر»
قد ذهب الأغا به في علبة
العجيزي : ... ... منذ متى؟
رضوان :
من نحو شهر قد غبر
العجيزي :
في المرض الأخير؟
رضوان :
في أوله ... ...
العجيزي : ... ... وأين كنت؟ ...
رضوان :
كنت في بعض السفر
العجيزي :
أمانة ثم ترد ...
رضوان : ... ... ... سيدي
أعلم مني بالدخائل الأخر
العجيزي :
وكنت أنت حاضرا؟
رضوان : ... ... أجل حضرت
يوم ذاك، وخدمت من حضر (صوت من الطبقة السفلى):
يا صاحب المنزل ...
العجيزي : ... ... ... من؟
الصوت : ... ... ... ثلاثة
محمد وعامر وأحمد
جئنا نراك ساعة فقل لنا
تنزل أم نحن إليك نصعد؟
العجيزي :
قد حللتم بداركم
اصعدوا عندي اصعدوا (لرضوان)
رضوان أجلسهم هنا
وحيهم حتى أجي
وجئهم بقهوة
من عزبان «القهوجي» (الثلاثة يصعدون.)
رضوان :
تفضلوا يا سادتي
الآن يأتي سيدي (ويخرج)
محمد :
ثروة ضخمة ... ...
أحمد : ... ... وخير كثير
محمد :
كل هذا إلى العجيزي آلا
أصبح الكلب بعد أن كان يمشي
ينفض الجيب أكثر الناس مالا
أحمد : «والمصاغ» «المصاغ» بالروح أف
ديه فماذا من لؤلؤ وزبرجد؟
محمد :
وهل نسيت يا أخي
خاتمها الزمردا؟
فهم يقولون يساوي
مائة وأزيدا!
أحمد :
قد ارتدى المغفل الحريرا
محمد :
واتخذ الشاهي والكشميرا
أحمد :
إذا مشى حسبته أميرا
وحذاؤه، أرأيته؟ ...
محمد : ... ... ... لا،
كيف، كيف حذاؤه؟
أحمد :
تسبيك رقته ويأ
خذ ناظريك بهاؤه!
والحزام الحزام، رقعة
كشمير تمنيت أن أكفن فيها
وكم وكم من قيم
قد اقتنى بعد السعه
ذاك الحمار تحت مث
ل الشمعة الملمعه
محمد :
لا يا أخي الحمار شي
ء من شهور أربعه
قد اشتريته له
وكنت في السوق معه
إن زاد شيء فاللجا
م أو يكون «البردعة»
أحمد :
الطين يا عامر الطين عجب!
الطين أبعادية من الذهب
والبيت يا سيدي محمد
البيت فخم البنا مشيد
محمد :
كم يا ترى الأرض والمباني؟
أحمد :
ألف ذراع وقيل أزيد!
محمد :
عامر لم سكت لم
وما ابتلاك بالبكم؟
عامر :
صه في غد أستأجر الطي
ن
محمد : ... وكيف وبكم؟
عامر :
ذاك فني ... ... ...
أحمد : ... مذ كان يستأجر الطين
عامر :
أجل تلك صنعتي يا عزيزي
في غد تكتب الشروط وأمضي
نحو «بنها» أحتل طين «العجيزي»
محمد :
ما كالعجيزي رجل
يدري اغتنام الفرص
إن «هدى» دجاجة
باضت له في القفص
أحمد :
وقد رأيت كيف كان دفنها
قد دفنت مثل فقيرات النسا
عامر :
لا يا أخي ظلمته إن الذي
قام على المأتم والدفن الأغا
جاء من الباشا ومن زوجته
أخرجها «خرجة» عز وغنى (يدخل العجيزي فيقول):
العجيزي :
يا مرحبا بالأحباب
يا مرحبا بالصحاب
كذا أنسى، كذا أجفى
كذا عني لا يسأل؟
محمد :
بنا شوق ولكنا
نرى المشغول لا يشغل
أحمد :
يا عجيزي عزاء
مرة أخرى عزاء
أنت قد أحسنت والله
وأظهرت الوفاء
مثل ما قد دفنت
ما دفن القوم النساء
أحمد :
وما الذي أنفقت؟
العجيزي :
خمن، قل على التوهم؟
محمد :
أمائة؟ ... ... ...
العجيزي : ... في الدفن ثم
مثلها في المأتم (زائر ينادي من تحت):
يا صاحب البيت!
العجيزي (لنفسه) :
قد صار لي بيت!
الزائر :
يبقى لنا الحي
ويرحم الميت
العجيزي (لنفسه) :
يرحمك الله هدى
خيرك هذا عمني
الزائر :
تهانئي يا عجيزي
لقد ورثت جليلا
تهانئي يا صديقي
قد نلت خيرا جزيلا
العجيزي :
من ... ... ... ...
الزائر : ... «مصطفى النشاشقي»
العجيزي : ... أجئتني بعلبتي؟
الزائر :
أجل ... ... ...
العجيزي : ... تعال اصعد بها
اصعد، معي أحبتي
الزائر :
معي الفقيه الحلبي
العجيزي :
يا مرحبا به، اصعدا (للحاضرين)
ذاك فقيه من سبي
ل دينه على هدى
أتعرفون الشيخ؟ ...
أحمد : ... ... قل
عامر ... ...
عامر :
سل محمدا
محمد :
في «الزينبي» قد سمع
ناه يرج المسجدا
ذاك الفقيه ليس بعده أحد
لكنه عندي مزور البلد
كم حل بالفتوى وبالفتوى عقد
أحمد :
يا حلبي أنت حبل المشنقة
كم لك في الحارات من معلقه!
لم يخل بيت لك من مطلقه (يدخل النشاشقي والشيخ.)
العجيزي :
هذا هو الشيخ أتى
يا مرحبا يا مرحبا «للحاضرين»
استقبلوه وقفوا
بين يديه أدبا (لرضوان)
البن يا رضوان ...
الشيخ الحلبي : ... ... ... ... لا ... شيئا من الكراويه
العجيزي :
اذهب جئ الشيخ بها
عاطرة وصافيه
النشاشقي (همسا في أذن العجيزي، ويناوله العلبة) :
هذا النشوق من نشوق المفتي
يليق للوارث زوج الست
آخر (ينادي من تحت) :
صاحب البيت! ... ...
العجيزي : ... ... ... سيدي
الزائر : ... ... ... ... عم صباحا
أنا عبد اللطيف شيخ الحاره
العجيزي :
مرحبا مرحبا تعال تفضل (للحاضرين)
رجل لا يرى ثياب الجاره
الشيخ (عند وصوله) :
ولكن أنا ما قدري؟
وهذا مجلس عال
العجيزي (همسا ) :
تعال، ما يقولون؟
الشيخ :
صنوف القيل والقال
يعزونك بالميت
يهنونك بالمال (وهو ينظر إلى جوانب البيت.)
تعالى الله ما أبهى!
تعالى الله ما أوسع!
مكان الأنس والبسط
وبيت النسوة الأربع
يرحمها الله لقد
كانت ملاكا محسنا
ولم تقابل رجلا
في بيتها إلا أنا
فكم طعمت وشرب
ت وكسيت ها هنا!
البيت لما اشترته
كان أبى شيخ حاره
ولم تزل كل عام
تجيل فيه العماره
العجيزي :
وأنت؟ ... ... ...
الشيخ : ... كنت ابن خمس
فلست أذكر شيا
إلا ليالي عرس
لعبت فيها صبيا
لم يدخل البيت زوج
وفارق البيت حيا
العجيزي :
إذن فعمر البيت ستون سنه
الشيخ :
ومن يقول مائة ما غبنه
فهم يقولون «الفرنسي»
1
سكنه
العجيزي :
إذن فلقبوه بالعتيق
أحد الحاضرين :
والأرض والموقع يا صديقي؟
آخر :
البيت كله على الطريق
الشيخ :
بل منزل مبارك
تسكنه في عافيه
يكفيه ما حل عليه
من جلال الناحيه
فأنت بين الحنفي
2
والبتول الزاكيه
3
لا تنس من جارك
إنك جار «الحنفي»
الحاضرون :
وكلنا خادمه
وكلنا في الكنف
آخر (يزعق من السلم ويقول) :
يا عجيزي يا صديقي
العجيزي (في اضطراب لنفسه) :
ذاك داود المغني
ربما خلط حتى
أضحك المجلس مني
داود (من تحت) :
أيها الوارث قل لي
أأعزي أم أهني؟
العجيزي (للحاضرين) :
ذاك داود المغني
قد أتى يسأل عني
داود :
لقد أتيت ومعي حميده
لكي أريها دارك الجديده
العجيزي (لنفسه) :
الويل لي الويل لي
حميدة في منزلي
كيف أواري خجلي؟! (للحاضرين)
أتسمعون؟ معه زوجته
أحد الحاضرين :
وما لداود وللتفرنج
آخر :
أصعده، دعه يا عجيزي يجي
العجيزي :
لا ومقام «الحنفي» لن يجي
آخر :
قابله لا تضع عليه سعيه
ليس على أمثاله من حرج
العجيزي :
لا، لن يطا لي عتبه
سوف أريه أدبه (وينزل فيصرف «داود» ويعود.)
زائر آخر (يصيح من تحت) :
سيدي، سيدي، أأنت هنا؟
العجيزي :
من؟ ... ... ... ...
الزائر :
أنا سلمان يا عجيزي أأصعد؟
العجيزي (لنفسه) :
ذاك سلمان جاء يطلب بالدي
ن وقد جن أمس حتى تهدد
أحد الحاضرين :
سلمان من؟ ... ...
مصطفى : ... ... تجهله؟
ذاك مرابي الناحيه
استرجع الخمسين مني
بعد شهرين ميه
محمد :
مسلم؟ ... ... ... ...
مصطفى : ... وابن مسلم وله جد
بقلب الصعيد شيخ ولي
لن يدع لليهود في «الخط» رزقا
ليس في «الخط» غيره ربوي
يا يهود الأرض قد
أصبح يشقى العالمون
من بني الإسلام سلمان
ومنكم «سالمون»
محمد (همسا) :
وما له والعجيزي؟
وما الذي جاء يصنع؟
أحمد :
أليست الزوج ماتت
فالوارث اليوم يدفع
العجيزي :
سلمان يا إخوان لم
يأت لدين أو سند
عامر :
وما يضر الدين لم
يخل من الدين أحد
العجيزي :
لا، بل علاقتي به
علاقة من البلد
آباؤه كانوا وآ
بائي شيوخا وعمد
محمد :
ناد إذن يصعد فلا
بأس في مجيئه
العجيزي :
سلمان سلمان
تعال سلمان فما ها هنا
إلا أحباء وإخوان (يدخل سلمان ويقول للعجيزي).
سلمان :
قيل لي عنك مطلق البطن شاك
كيف يا سيدي العجيزي حالك؟
العجيزي :
أحمد الله قد تعافيت فاجلس (همسا)
لا تخف، في غد يوافيك مالك
سلمان :
أمامك شهران حتى تفيق
وتهدأ فلم لا تمد الأجل؟!
وتدفع خمسين فوق الحساب
إذا الإرث من كل وجه كمل
دواتي علي وفيها اليراع
وأنت بخير وهذا السند
فخذ فضع اسمك ...
العجيزي : ... سر في الرواق
لا يطلعن علينا أحد (ينصرفان)
محمد :
قد دخلا في الرواق سرا
وفاز بالوارث المرابي
وبين هذا وذا حساب
ويعلم الله بالحساب (يعودان)
سلمان (همسا لمصطفى) :
يا مصطفى يا نشوقي
مصطفى :
لبيك سلمان أهلا
سلمان :
لي كلمة فادن مني
لا تنس دينك حلا
العجيزي :
ماذا يقول المرابي؟
وما أسر إليكا؟
مصطفى :
يريد مني نشوقا
مما رأى في يديكا
الحلبي :
الحق أنه نشوق طيب
مصطفى :
وفيه يا فقيه عرق العنبر
الباشوات كلهم قد أقبلوا
عليه والمفتي وشيخ الأزهر
وسيدات «الخط» من حين إلى
آخر يبعثن الأغا فيشتري
عامر (في سخرية) :
السيدات؟ أأنثى
على النشوق تطوف؟
مصطفى :
لم لا؟ أما هن خلق؟
أما لهن أنوف؟
لا تنس يا عامر! ...
عامر : ... ... ماذا مصطفى؟ (يدخل سلمان ويقول
مصطفى :
لا تنس يا أخي يا أعز الناس
أمك كانت من غرامها به
تأخذه مني بالأكياس
عامر :
أمي أنا يا رجلا لا يستحي
نشاشقي يذكر المخدرة (يتناول كل من مصطفى وعامر عصاه.)
مصطفى :
وأي عار بالنشوق إنما
العار كل العار شغل السمسره
شيخ الحارة :
خذوا العصا من «عامر» و«مصطفى»
إني أخاف أن تكون «مجزره»
عامر :
دعوه لي لا بد من تحطيمه
مصطفى :
خلوه لي لا بد أن أكسره
العجيزي :
وحرمة الميتة تنسيانها
وحق بيتي لا تراعيانه
غدا يقال عنكما قد سخرا
من العجيزي ومن ضيفانه
مصطفى :
تلك العصا طرحتها
يا سيدي حبا بكا
عامر :
وأنا أيضا قد رمي
ت بالعصا لأجلكا (صوت من الخارج.)
دستوركم يا أهل هذا المنزل
العجيزي : ... ... ... من؟
الصوت :
الأغا ... ... ...
العجيزي : ... ألماز أغا؟ تفضل
الأغا (يدخل باكيا مولولا ويقول) :
آه على صديقتي
آه عليك يا «هدى»
قد خرب البيت فلي
ت لك عينا فترى!
أين جبين كان كال
بدر سناء وسنا؟
وأين «أهلا» كلما
جئت وأين «مرحبا»؟
وأين ما قد كان لي
عندك من طيب اللقا؟
وأين صوت كان كالس
حر ينادي يا أغا!
العجيزي :
ماذا دهاك سيدي
هون عليك يا أغا!
الأغا (مستمرا) :
قد ذهب البيت لبي
ت الله وحده البقا
قد ذهب المال فسب
حان الذي له الغنى!
العجيزي :
أفق تجلد يا أخي
ليس البكا من التقى
الأغا :
أبكيك يا هدى وإن
لم يرجع الميت البكا (ويقع مغمى عليه.)
مصطفى (للأغا) :
جرب نشوقي مرة
خذ تجد الحزن هدا
العجيزي :
رشوه بالماء يفق (لرضوان)
رضوان هات كوز ما
الأغا (يرفع رأسه قليلا ويقول) :
وليك عذبا باردا
إني أحس بالظما
ليتك ما مت ولي
ت الميت يا هدى أنا!
هدى تعالي انظري
البيت منك قد خلا (للعجيزي)
سيدي أصغ لي:
هدى رحمة الله
على روحها وألف سلام
يا أسفا على هدى
يا أسفا يا أسفا!
ما لي يخونني فمي؟
ما لي تخونني القوى؟ (ويتمايل الأغا ثم يسقط.)
محمد :
لقد رجعنا فوقعنا
في البلاء والعنا
العجيزي (للأغا) :
قم يا أخي انهض قل
تكلم هات بين يا أغا
ما نحن في مأتمها
مأتمها قد انقضى
وكل حي ميت
يوما وإن طال المدى
الأغا :
تركت عندنا وصاة ...
العجيزي : ... ... ... وماذا؟
الأغا :
كتبتها قبل الزواج بعام
كتبتها وأشهدت مفتي القط
ر عليها وقاضي الإسلام
قد تركت يرحمها الله
أمسكوني لا أقع (ويتمايل كالنشوان.)
العجيزي :
قم خلفه يا مصطفى!
مصطفى :
دعه لساعدي دع
الأغا :
قد تركت في علبة «مصاغها» عشر قطع
من جوهر مبرأ
من الخدوش والبقع
العجيزي :
لمن؟ ... ... ...
الأغا : ... لعشرة من نساء الحاره
من كل جارة وبنت جاره
العجيزي :
وعينتهن؟ ... ... ...
الأغا : ... أجل، وبينت
العجيزي :
يا لي، يا للغبن والخسارة!
يا أسف الدهر على
جواهري يا ندما
مصطفى : ... ما لك يا أخي؟
العجيزي : ... ... ... أحس
أن ظهري انقسما
عوقبت يا هدى ولا
أخرجت من جهنما! (يغمى عليه.)
محمد :
لا بأس لا بأس إني
أرى به إغماء
شيخ الحارة :
رضوان طر جئ بكوز
الحلبي :
صبوا عليه الماء
العجيزي (وهو يفيق) :
والبيت يا أغا أجب
البيت ما أصابه؟
الأغا :
وقفته لبنت أول زوج
الحلبي :
إن هذا قضاء حق قديم
العجيزي :
أترى البغي والتعسف حقا
يا كثير التحليل والتحريم
قلبتني هدى على النار حيا
قلب الله جسمها في الجحيم! (للأغا)
وأثاث البيت هذا؟
الأغا :
جاء أيضا في الوصيه
أصبح البيت وما
في البيت ملكا لبهيه
العجيزي :
ارم يا دهر بالمصائب إرم
ظلمتني هدى فما كان جرمي؟
شيخ الحارة :
بقي الطين فانتظر رحمة الله
ولا يدخلنك اليأس منه
إنها خلفت ثلاثين فدانا
ببنها وأنت تعرف بنها
الأغا :
لا، لا تصدق سيدي
فما درى، ما عرفا
العجيزي :
ماذا جرى إذن؟ أبن
الأغا :
الطين أيضا أوقفا؟
العجيزي :
لمن؟ ... ... ...
الأغا : ... لبيت الله والرو
ضة قبر المصطفى
العجيزي :
يا رب بيتك عني
وعن نصيبي غني
وقل لقبرك يرجع
لي ثروتي يا نبي
الطين أيضا قد مضى
وكل شيء انقضى
يا لأعاجيب القضا!
الحلبي :
اصبر أخي، تعز، ما هذا الجزع؟!
هب أن ذلك الزواج ما وقع
ليس الحياة غير ري وشبع
العجيزي (وهو يهجم عليه) :
هب أن رأسك انفلق
هب أن مخك اندلق
حتى جرى على الزلق
سلمان :
الطين أيضا قد مضى
يا ويح لي، ويح ليه!
ضاع علي تعبي
وضاعت الخمسميه!
هذا العجيزي مزي
ج من غباء ونكد
قد جاء مصر هاربا
من الديون في البلد
وما له من عمل
فيها ولا له أحد
لكن عليه سند
النشاشقي :
اذهب، كل، اشرب السند
الجميع :
اذهب، كل، اشرب السند! (ستار الختام)
অজানা পৃষ্ঠা