أضاف التعليم بالقلم إلى نفسه حيث قال:
الذي علم بالقلم (العلق: 3، 4). هذا، ومما جاء في الحديث الصحيح، واشتهر على ألسنة الناس: «إن الله جميل يحب الجمال» (الذيل 7). فكيف يرضى العلي الفائق الحسن أن يأتي الخط الذي وقف عليه عباده غثا قبيحا؟ الخط الذي هو في ذروة الشرف؛ لأن الصحف والألواح نزلت به على الأنبياء.
فلتتقدم أبدان الحروف العربية، في زي الكوفي خاصة، إلى حضرة
ذو العرش المجيد
وقد زكاها وحيه، وفخمتها أبهته. لتتقدم رائقة فتحمد، شريفة فتكبر، سواء انتصبت أو انبطحت، تقوست أو تلوزت، أرسلت أو أسبلت! كيف لا تشكر لله بره وفضله إذ سيرها بين الناس،
وعلم آدم الأسماء كلها
بوساطتها (البقرة: 31)، تلك الأسماء التي أنزلها القرآن بلسان عربي غير ذي عوج، في لغة هي «أفضل اللغات وأوسعها وأكملها ذوقا ووجدانا، بل يقينا وبرهانا» كما قال أهل اللسان (الذيل 8).
هذا، ومما نطق به الإمام علي بن أبي طالب: «الخط الحسن يزيد الحق وضوحا» (الذيل 9). فأي حق يجسر أن يزاحم حقا من عند ربك؟ وكما أنه لا محيد عن قراءة القرآن على تؤدة وتبيين دفعا للتحريف والتغيير،
ورتل القرآن ترتيلا (المزمل: 4)، كذلك لا بد للقرآن من أن يسطر في إيضاح وتحقيق؛ لأن «الخط لسان اليد» على قول عبيد الله بن العباس، المتوفى سنة 58 (الذيل 10).
وهكذا انبعثت قواعد الخط محاذاة لأصول مخارج الحروف، في جميع البلدان الإسلامية. ثم استوى الخط «هندسة روحانية» كما قالوا (الذيل 11) حتى صار فنا فاخرا لا ممتهنا، على أن الكتابة الباهرة - أول ما ظهرت على الأقل - جاءت أعلى من رصف للحروف منسوق أو مستملح، جاءت أقرب إلى تكليف من تكاليف العبادة، في هيئة سكة تضربها سطوة الإسلام ، وتفرضها عنوانا لعزها ومنعتها.
অজানা পৃষ্ঠা