77

لعل روبينا ماتت الآن، وربما توفي أيضا كل من جيمي ودوفال، مع أن هذا صعب التخيل. أنا الآن على بعد بضع سنوات من التقاعد. أنا الآن أرملة، موظفة في الحكومة، أعيش في الطابق الثامن عشر ببناية سكنية. لا أجد غضاضة في أن أعيش وحيدة. في المساء أقرأ، وأشاهد التليفزيون. لا، هذا ليس صحيحا دائما. أحيانا أجلس في الظلام، وأشرب الويسكي والماء، أفكر دون جدوى وبلا حول أو قوة - ولكن في راحة - في أشياء مثل تلك التي نسيتها، أو لم أكن لأتحمل التفكير فيها منذ زمن طويل.

عندما يموت الجميع من ذا الذي يستطيع تذكر هذه الأشياء، ثم سينسى الجميع أمر حادثة احتراق المنزل، وكأن شيئا لم يحدث.

مراكش

كانت دوروثي جالسة على كرسي مستقيم الظهر بالشرفة الجانبية تأكل البندق؛ فقد اعتادت شراءه من الماكينة الموجودة بالصيدلية، كانت تأكله من الكيس الأبيض المرسوم عليه صورة سنجاب. بعمر السبعين، كانت دوروثي مضطرة للإقلاع عن التدخين حيث إنه سبب لها آلاما بالصدر. عندما كانت مدرسة بالمدرسة لم يستطع أحد إجبارها على الإقلاع عنه، حتى مجلس إدارة المدرسة، حتى إن الآباء قدموا فيها شكوى ذات مرة، إلا أن ذلك لم يفلح أيضا في جعلها تكف عن التدخين. زميلها جوردي لوماكس - وهو متوفى حاليا - هو من قدم لها العريضة آنذاك؛ تفحصتها بشكل انتقادي وكأنها ورقة اختبار تهجية لأحد الطلاب، ثم قالت بحزم: «قل لهم إن هذه هي السيئة الوحيدة لدي.» وبالفعل ذهب جوردي وقال لهم: «تقول إن هذه سيئتها الوحيدة.»

توقعت فايولا أن دوروثي ستصاب بالبدانة؛ نظرا لتناولها المكسرات بدلا من السجائر، لكن لا شيء يجعل دوروثي تصاب بالبدانة، لا الآن ولا فيما مضى من عمرها. انزعجت فايولا لأنها لم تستطع فعل الأمر نفسه، لم تستطع أكل المكسرات والتفاح حتى لا تصاب بالبدانة؛ فقد كانت شرهة للطعام.

في تلك اللحظة كانت دوروثي جالسة وحدها، في حين ذهبت فايولا للمدافن مصطحبة جانيت معها، وفي الصباح الباكر قبل الإفطار ذهبت إلى الحديقة تقلم الحشائش وتنسق أزهار العائق التي كانت في أوج ازدهارها في ألوان حملت جميع درجات اللونين الأزرق والبنفسجي ؛ كانت تريد صنع باقتين من الورد لتضعهما على ضريح كل من زوجها وزوج دوروثي (حيث إن دوروثي قلما تذهب هناك)، وأخرى لوالديهما.

قالت فايولا لجانيت أثناء تناولهما الإفطار: «أعتقد أنك ستحبين الذهاب لرؤية «آخر إطلالة».» كان هذا هو التعبير الذي استخدمه زوجها على سبيل الدعابة للإشارة إلى زيارة المقابر، وبالطبع لم تفهم جانيت ما تعنيه. كانت فايولا تتحدث دائما بود ودلال مع كل الناس رغما عنها، فهي تميل برأسها ذي الشعر الفضي المموج بطريقة غير مفهومة، وتهمس على نحو يثير الاستهجان ببعض الكلمات مع عامل الخزينة في البقالة، ومع الميكانيكي في ورشة السيارات، وحتى مع الصبي المسئول عن تقليم الحشائش بالحديقة، ولا أحد منهم يرهق نفسه في محاولة فهم نصف كلامها غير الواضح. كانت دوروثي محرجة من هذه الطريقة، وكان عليها أن تكون أكثر فظاظة لدرجة لا تكون عليها في أحوال أخرى حتى تغطي على حماقة فايولا.

قالت دوروثي: «إنها تعني المقابر.»

أجابت جانيت وهي تبتسم ابتسامتها الساحرة الرقيقة: «أوه، أنا أحب المقابر.»

قالت دوروثي وهي تنظر لفنجان القهوة السادة بجوارها كأنه بئر: «وما الذي تحبينه فيها؟»

অজানা পৃষ্ঠা