وإذا كانت هذه هي عقيدة العرب السائدة آنذاك ، وصيغة دياناتهم ، فإن الامم الاكثر حضارة وتقدما منهم ، وهم اليهود والنصارى والمجوس ، كانوا أيضا يعيشون حياة الجاهلية والضلال والانحراف العقائدي والظلم والاضطهاد السياسي والاجتماعي، ويخضعون لتسلط الطواغيت . فقد حرف اليهود التوراة وشريعة موسى وما جاء به الانبياء الذين سبقوهم .
كما حرف النصارى الانجيل، وتلاعبوا بدعوة المسيح وعقيدة التوحيد التي طبعوها بطابع الوثنية والتثليث؛ الذي تسرب إليهم من الحضارة الرومانية الوثنية ، والفكر اليهودي المنحرف . فعدوا الخالق العظيم ثالث ثلاثة ( الأب والابن وروح القدس) .
(7)
كما حرفت بقية المبادئ والمرتكزات العقائدية والتشريعية في الديانة المسيحية . وكانت النصرانية آنذاك تملك قوة سياسية ومدنية هائلة ، إذ كانت في بلاد الشام دولة الروم المسيحية ، كما كانت مصر دولة مسيحية قوية أيضا .
وفي بلاد الحبشة كانت دولة الاحباش المسيحية التي تقع قبال الجنوب الغربي من الجزيرة العربية ، في الوقت الذي كان فيه انتشار كبير للمسيحية في بلاد اليمن ، بلاد الخصب والمدنية في جزيرة العرب .
وكانت المجوسية (عبادة النار) الديانة السائدة في بلاد فارس التي تقع شرق الجزيرة العربية . وكانت دولة الاكاسرة القوة السياسية والمدنية الكبرى القائمة في تلك المنطقة آنذاك وكان لها م امتداد في بلاد اليمن داخل الجزيرة العربية ، وامتداد داخل أرض الرافدين أيضا .
وهكذا كانت تحيط بالعرب البدو المتخلفين ، ثلاث دول كبرى ، هي دولة الروم في المغرب، ودولة الفرس في المشرق ، ودولة الاحباش في الجنوب الغربي ، وهي قوى سياسية وحضارية كبرى . في حين كان العرب في مكة وما حولها لا يعرفون في تلك الفترة مفهوم الدولة والسلطة السياسية ولا التنظيم الاداري ، ولا الحياة المدنية المستقرة .
পৃষ্ঠা ৮