(49) فعاد عمرو بن العاص إلى النجاشي في اليوم الثاني وطلب منه أن يسأل المسلمين عن عقيدتهم في عيسى بن مريم (ع) ظنا منه أنهم سيختلفون معه في العقيدة والتفكير ، فأرسل النجاشي إلى جعفر بن أبي طالب ، فسأله عن عقيدة المسلمين بالمسيح (ع) فقال جعفر : « نقول فيه الذي جاءنا به نبينا محمد (ص) : هو عبد الله ورسوله وروحه وكلمته ألقاها إلى مريم العذراء البتول . قالت ام سلمة : فضرب النجاشي بيده إلى الارض فأخذ منها عودا ثم قال : والله ما عدا عيسى بن مريم ما قلت هذا العود » (1).
وهكذا فشلت خطة تسليم المهاجرين وتشويه سمعتهم وعاد مبعوثا قريش يجران أذيال الخيبة ، وبقي جعفر وأصحابه ينعمون برعاية النجاشي الذي تأثر بمبادئهم وشدد عنايته ورعايته لهم ، حتى أن الاحباش على ما يروي بعض المؤرخين اتهموه بتغيير دينه فثاروا عليه بعد فترة من الزمن ، فوجه اهتمامه ورعايته للمهاجرين ، فأرسل إليهم سفنا ليركبوا فيها ويبحثوا عن أرض اخرى إن هو خسر المعركة مع المعارضين للحفاظ عليهم ، ولئلا يقعوا بيد المعارضة المعادية له ولهم ، ولكن شاء الله
أن ينتصر ويبقى جعفر وبعض المهاجرين معه حتى غزوة خيبر سنة سبع من الهجرة النبوية ، فالتحق برسول الله (ص) بالمدينة المنورة هو وأهله وأولاده وأصحابه ، التحق مجاهدا شجاعا ، وقائدا فذا ، فكان رسول الله (ص) يوم استقبله يقول :
« والله ما أدري بأيهم أنا أشد سرورا ، بفتح خيبر أم بقدوم جعفر » (2).
وقد استشهد هذا المهاجر والقائد الشجاع في السنة الثامنة من الهجرة في غزوة مؤتة في الشام عندما غزوا الروم فيها ، وهو يحمل راية الجهاد والقيادة .
পৃষ্ঠা ৬৬