لقد اطلع امية بن خلف على ذلك ، فراح يعذب بلالا: « فكانت إذا حميت الشمس وقت الظهيرة يلقيه في الرمضاء على وجهه وظهره ، ثم يأمر بالصخرة العظيمة فتلقى على صدره » (1).
ويستمر امية بن خلف في تعذيب بلال ، ويستمر بلال على صموده وتحديه ، فيخير بين أن يكفر بتوحيد الله وبنبوة محمد (ص) ، وبين أن يموت تحت الصخرة وعذاب الطغاة ، فيتعالى صوته ، وتستنفر قوى التحدي في إرادته فينادي : « أحد أحد » .
ويسلم حليف بني مخزوم ياسر وابنه عمار وزوجته سمية ، الاسرة المستضعفة البائسة التي دخلت الاسلام في المرحلة السرية ، أما الآن فقد انكشف إسلامهم وعرف الاسياد والطغاة بذلك ، « فكانوا يخرجون عمارا وأباه وامه إلى الابطح إذا حميت الرمضاء يعذبونهم بحر الرمضاء ، فمر بهم النبي (ص) فقال : (صبرا آل ياسر ، فإن موعدكم الجنة)، فمات ياسر في العذاب ، وأغلظت امرأته سمية بالقول لابي جهل، فطعنها في قبلها بحربة في يديه فماتت ، وهي أول شهيدة في الاسلام ، وشددوا العذاب على عمار بالحر تارة ، وبوضع الصخر على صدره اخرى وبالتغريق اخرى » (2).
ويعذب خباب بن الارت التميمي ، وكان أبوه من السبايا الذين بيعوا في مكة ، وهو من المسلمين الاوائل الذين بادروا إلى التصديق بمحمد (ص) : « فأخذه الكفار وعذبوه عذابا شديدا ، فكانوا يعرونه ويلصقون ظهره بالرمضاء ثم بالرضف وهي
الحجارة المحماة بالنار ولووا رأسه ، فلم يجبهم إلى شيء مما أرادوا منه » (3).
ومن الذين عذبوا واوذوا في الله هو صهيب بن سنان الرومي وعامر بن فهيرة الذي كان
পৃষ্ঠা ৫৮