الارهاب والتعذيب وتصاعدت المحنة واشتد أذى قريش ، فاستخدمت أساليب الارهاب والتعذيب ، ومع كل ذلك فمحمد (ص) والذين معه أشداء أقوياء لا تزعزعهم وسائل الارهاب ، ولا تثنيهم وحشية التعذيب ، غير نفر قليل من ضعفاء الايمان وقلقي المعتقد ، يعدون على الاصابع ، قد تساقطوا في المحنة ، وعجزوا عن مسايرة الركب العقيدي المتأ لق ، وبدأت المواجهة الملتهبة ، وهجمت قريش على ضعاف المسلمين من أبناء مكة وممن أسلموا من العبيد ، وتابعوا محمدا (ص) .
لقد تحدث التاريخ عن تلك الملحمة القاسية الرهيبة فسجل بفخر واعتزاز صمود أصحاب محمد (ص) وثباتهم على منهج الدعوة ومواصلة السير في الطريق ذات الشوكة ، وهذا ابن الاثير يحدثنا عن تعذيب المستضعفين بقوله :
« وهم الذين سبقوا إلى الاسلام ولا عشائر لهم تمنعهم ولا قوة لهم يمنعون بها ، فأما من كانت له عشيرة تمنعه فلم يصل الكفار إليه ، فلما رأوا امتناع من له عشيرة وثبت كل قبيلة على من فيها من مستضعفي المسلمين فجعلوا يحبسونهم ويعذبونهم بالضرب والجوع والعطش ورمضاء مكة والنار ليفتنوهم عن دينهم ، فمنهم من يفتتن من شدة البلاء وقلبه مطمئن بالايمان، ومنهم من يتصلب في دينه ويعصمه الله منهم»(1).
(43)
إن قراءة تحليلية فاحصة في أسماء الذين عذبوا من الرجال والنساء تكشف لنا أن الذين سارعوا إلى الدخول في الاسلام هم المستضعفون والعبيد لما وجدوا فيه من حرية وكرامة ودعوة للهدى والرشاد ، كما سارعت المرأة إلى التصديق بالدعوة والمشاركة في الجهاد والثبات .
يبرز التأريخ صورا لاولئك الصابرين فيذكر بلال بن رباح الحبشي ، بلالا الذي كان عبدا مملوكا لامية بن خلف الجمحي ، فاستنشق عبق الحرية والكرامة المفقودة واستنشقها في مبادئ الاسلام وقيمه السامية ، فالتحق بالركب وواصل المسير .
পৃষ্ঠা ৫৭